وجوب مسح جميع الرأس
وجوب مسح جميع الرأس
  قال الشوكاني: «قوله: ومنها في مسح جميع الرأس فعندنا أنه يجب مسح جميع ما يُسمى رأساً أقول: أصل الاختلاف في المقدار الممسوح(١) من الرأس هو باعتبار ما تقتضيه الآية الكريمة، فمن قال بوجوب مسح جميعه قال: مسمى الرأس حقيقةً جميعُه ولا يكون لبعضه إلاَّ مجازاً، ومن قال بأنه يجزي مسح بعضه أو(٢) ثلثه أو ثلاث شعرات أو شعرة فهو لا يخالف أن المعنى الحقيقي عند إطلاق الرأس هو جميعه لكنه نظر إلى أمر آخر وهو أن الباء لما دخلت في الممسوح أفادت التبعيض كما هو أحد معانيها عند جماعة من أهل اللغة والنحو منهم الكوفيون والأصمعي والفارسي وابن مالك ... إلخ». اهـ كلامه.
  أقول: اعلم - علمنا الله وإياك - أن الماسح لكل رأسه أو بعضه وقع في أيام(٣) السلف وكل منهم يستند إلى فعل(٤) رسول الله ÷ أو فعل صحابي رأى رسول الله ÷، ولم يُسَجَّل لهم أيُّ نقاشٍ في الباء ولا في دخولها على ممسوح أو آلة.
  وكتب الحديث موجودة، ومناقشة الباء متأخرة حصلت بعد أمر قد استقر عند الكُلّي والبعضي؛ ولهذا قال ابن جني: (كون الباء للتبعيض لا تعرفه العرب وإنما أحدثه الفقهاء) قال في «لسان العرب» ما لفظه: قال ابن جني: أما ما يحكيه أصحاب الشافعي من أن الباء للتبعيض فشيء لا يعرفه أصحابنا ولا ورد به ثَبَت. اهـ المراد.
  وقال في «تاج العروس» ما لفظه: نَسَب هذا القول - الباء للتبعيض - للشافعي ابنُ هشام في شرح قصيدة كعب، وقال شيخ مشايخ مشايخنا عبد القادر بن عمر البغدادي في حاشيته عليه الذي حققه السيوطي: (إن الباء في الآية عند الشافعي للإلصاق) وأنكر أن
(١) صوابه: في القدر المأمور بمسحه. اهـ من شيخنا.
(٢) الأولى: حذف (أو). تمت شيخنا.
(٣) أي بعضهم في العهد الأول للإسلام مسح الكل وبعضهم مسح البعض وليس عندهم علم بأن الباء للتبعيض ولم يناقشوا هذه المسألة. تمت شيخنا.
(٤) فرسول الله لما توضأ مسح رأسه كله، وهذا يصلح أن يكون مبيِّناً للمسح المأمور به. تمت شيخنا.