الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

(وجوب معرفة الله وتنزيهه عن التشبيه والتجسيم)

صفحة 352 - الجزء 2

(وجوب معرفة الله وتنزيهه عن التشبيه والتجسيم)

  قال الشوكاني: «قوله: ورد الخبر أيضاً على أن من أقرَّ بظواهر الإسلام قُضِيَ بإيمانه وإن لم يبحث عن جميع العقيدة ... إلخ، أقول: هذا هو الحق، وما أبعد ما جزم به المتعنتون من توقُّف الإسلام على معرفة حقائق ودقائق من علم الكلام لا يفهمها إلاَّ المتدربون في المعارف العلمية والشريعة السمحة عن هذا بمعزل، ولكن البدع تأتي بما لم ينزل به سلطان، ولا قام عليه برهان، من سنة ولا قرآن، على أن هؤلاء المتعنتين لم يظفروا من إكبابهم على تلك الدقائق بسوى الحيرة كما أقر به كثير من محققيهم والحيرة جهل، فكيف يتوقف الإسلام على معارف غاية ما يستفيده من تبحَّر فيها أن يكون جاهلاً، وقد كنت وأستغفر الله في أيام حرصي على التحصيل مشغوفاً بالوقوف على حقيقة ما دوَّنه علماء الكلام من تلك القوانين فأتعبت نفسي فيها برهة من الزمن ولمَّا ظننت أني بلغت منها الغاية قلت ... إلخ» اهـ كلامه.

  أقول: قد تقدم هذا البحث المحرِّم لعلم التوحيد والكلام بنصه وتقدم الرد عليه، فهو تكرار لا فائدة فيه ولشدة شغف الفقيه بالطعن في علم التوحيد، وفي أول من بثه، وفي مشايخه وطلابه، ولإخفاقه في هذا العلم أعاد الكرة مرة أخرى، وقد ثبت قريباً أنه جاهل لأمور من أهم الفرائض المنصوص عليها في سورة الممتحنة، وجهلها، ودَعَا إلى خلافها، فمثل هذا لاسيما أنه يقصِّر في علم الإعراب والأصول، ولا ثقة في نقله، ولا اعتماد على رأيه؛ لأنه يتحامل على أمير المؤمنين - كرم الله وجهه - وعلى أولاده، وعلى حَمَلة علم التوحيد، ومَنْ جَهِلَ شيئاً عابه ولله در الإمام الشافعي إذ قال.

  لو كنتَ تفهم ما أقول عَذَرتني ... لكن جهلتَ مقالتي فعذلتني

  وإذا كانت العبادة فرعاً عن المعرفة أعني معرفة الله وصفاته وما يليق به - فمن كان