ما يؤخذ من الحربي المستأمن
ما يؤخذ من الحربي المستأمن
  قال الشوكاني: «قوله: فصل: فيما يؤخذ من الحربي المستأمن ... إلخ، أقول: الاستدلال على هذا بقول عمر مع ضم تلك الدعامة إليه - وهي كونه لم يخالفه أحد من الصحابة فكان إجماعاً - قد عرفت غير مرة أنه مما لا تقوم به الحجة، ودعوى الإجماع مجرد تخمين وحدس بل مجازفة محضة، ولكن هاهنا أمر آخر وهو أنا نقول: أموال أهل الحرب على أصل الإباحة يجوز لكل واحد أخذ ما شاء منها كيف شاء قبل التأمين لهم، فيجوز للسلطان أن يأذن لهم بدخول بلاد المسلمين والتجارة فيها على ما شاء من قليل أو كثير يأخذه من أموالهم إنما الشأن في أخذ مثل ذلك من المسلمين» اهـ كلامه.
  أقول: المعروف والمشهور عن أئمتنا عليهم وعلى أبيهم السلام التحري في النقل سواء نقلوا ما يؤيد مذهبهم أو يخالفه، أو نقلوا دليلهم أو دليل خصمهم، والفقيه يعرف هذا جيّداً، ولا يقوى على إنكاره؛ لأن إنكاره مكابرة وإنكار للضرورة، وها هي كتبهم من صغيرها إلى كبيرها في الفروع والأصولين ملأى بأقوال غيرهم، غير عايب عليهم أحدٌ نقلاً، وإذا حاول حاقد يلصق بهم ما هو معروف به فإنما يترجم عن نفسه، وهو كما قال المتنبي:
  فدتك نفوس الحاسدين فإنها ... معذبة في حَضْرةٍ ومغيب
  وفي تعب من يحسد الشمس ضوءها ... ويجهد أن يأتي لها بضريب
  وها هو الإمام قد نقل إجماع الصحابة، وأن عمر فعل ما فعل، وفرض ما فرض بحضور جمع منهم ومشاورة ملئهم، وأنه حجة، فدفع الشوكاني دفعاً مجملاً لا يُقبل في أي نقاش؛ لأنه غير مبني على دليل يقتضي الإقناع، وكان عليه أن يُبدي صفحة واحد من الصحابة خالف أو عارض، ويقول: «فلان عارض ونَقَل معارضتَه العالمُ الفلاني»، لكنه لمّا أشجاه الموقف وغصّ بريقه، ووجد القضية حينما قد فعلها عمر بمحضر الصحابة،