من شروط وجوب الجمعة المسجد والمصر الجامع
من شروط وجوب الجمعة المسجد والمصر الجامع
  قال الشوكاني: «قوله: فصل: ومن شروط وجوب صلاة الجمعة المكان ... إلخ، أقول: هذا شرط ليس في كتاب الله ولا سنة رسوله، ولا شك أن مجرد المكان الذي تفعل فيه الصلاة من ضروريات كل فعل يفعل سواء كان صلاة أو غيرها، إنما الشأن في اشتراط مستوطن أو مصر جامع، والحاصل أن جميع الأمكنة صالحة لتأدية هذه الفريضة إذا سكن فيها رجلان مسلمان كسائر الجماعات، ومن ادّعى اختصاص صلاة الجمعة بزيادة على ما تنعقد به الجماعة في سائر الصلوات فعليه الدليل، وكون الجمعة لم تقم إلا بزيادة على هذا العدد لا يفيد وجوب الزيادة، بل لو قال قائل: إن الأدلة الدالة على صحة صلاة المنفرد شاملة لصلاة الجمعة لم يكن بعيداً من الصواب! كقوله ÷: «صلاة الجماعة تفضل صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجة» وكقوله ÷: «صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده» الحديث، وقد قال بهذا قائل من أهل العلم من سلف هذه الأمة، وجَمَعَ بعضُ أهل العصر - في صحة صلاة الجمعة فرادى -! رسالة وعرضها عليَّ، وهو أحد مَن أخذ عني علوم الاجتهاد! ويكفي في دفع اشتراط المسجد والمصر الجامع ما ثبت في كتب السير من تجميعه ÷ في بطن الوادي، وأما ما يروى بلفظ: «لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع» فلم يصح رفعه، وليست الحجة قائمة بالموقوف» اهـ كلامه.
  أقول: هكذا فليكن السعي لهدم ما بناه رسول الله ÷ وإطفاء نور الله بأفواههم، ولولا خيفة أن يغتر بهذا المحقَّر بعض الأغبياء لما احتجت إلى ردّ عليه؛ لأنه قَذَر خارج مِن وَضَر(١)، ثم لا يخفاك أن فعله ÷ إن كان من أفعال الجبلة والطبيعة فلا يجب التأسي به، وما كان غير ذلك، وكان ظاهره القربة: إمّا أن يكون بياناً لمأمور به أو غير بيان؛ إن لم يكن
(١) الوَضَر: الوَسَخ.