وجوب القضاء على من أفطر ناسيا
وجوب القضاء على من أفطر ناسياً
  قال الشوكاني: «قوله: حجة الهادي وأتباعه في وجوب القضاء على العامد والناسي ... إلخ، أقول اعلم أن كون الشيء مُفسِداً لعبادة من العبادات أو معاملة من المعاملات محتاج إلى دليل، ولم يأت المصنف بشيء من ذلك فبطل ما ذهب إليه القائلون بأنه يَفْسُدُ صومُ مَنْ أكل ناسياً ويجب عليه القضاء، وأما قول المصنف - بعد إيراده -: (إنه يرد عليه من الاعتراض) ما ذكره فهذه عبارة تقشعر لها الجلود وترجف لها القلوب، فإن كلام الصادق المصدوق لا يتعقبه بمثل هذا التعقيب إلا من لا يعرف مقداره ولا ينزله منزلته، ثم ليته جاء في اعتراضاته بما يتفق عند أهل الرأي فضلاً عن أهل الرواية ولكنه جاء بما لا يتجاسر أن يتعقب بمثله قول بعض أهل العلم، فإن استدلاله بقوله: «فليتم صومه» على وجوب القضاء كلام ليس من جنس كلام العقلاء، فضلاً عن أن يكون من جنس كلام العلماء، ثم تأمل قوله: (ويحتمل أن يكون الراوي زاد هذا اللفظ لما اعتقد ... إلخ) فيا سبحان الله كيف يصدر مثل هذا ممن ينصب نفسه للكلام على الأدلة الشرعية، وإذا قيل: إنه خيرٌ وَانٍ(١) (كذا) معناه أنه لا يفطر بما قد تناوله فهو إنما دل على وجوب القضاء التزاماً لكون سبب القضاء هو الإفطار، ولفظ: «لا قضاء عليه» دل على عدم وجوب القضاء مطابقة، ثم رواية [أنه لا يفطر] هي أيضاً واحد وهي تحتمل أن الراوي زادها لما اعتقد عدم الإفطار ... إلخ» اهـ كلامه باختصار.
  أقول: لا شك أن المسألة التي يدور حولها النزاع حينما يراها أي عالم أو أي عاقل يجد أن المعلق عليها ليس غرضه البحث عن الحقيقة، ويرى أنه قد أنالها أضعاف ما تستحق لو كانت قطعية، فكيف بظنية عملية؟!، ويرى أنه كما يقال في المثل: (قد رَمَى ذرةً بَمدْفَعٍ)، وإذا ما جدّ في معرفة الباعث على هذا التحامل على آل بيت رسول الله يجد أن هناك دوافع
(١) هكذا في وبل الغمام المطبوع، والظاهر أن صحيح العبارة: وإذا قيل: إنه خبر وانٍ معناه ... إلخ.