عدم جواز أكل المحرم لما اصطاده الحلال
عدم جواز أكل المحرم لما اصطاده الحلال
  قال الشوكاني: «قوله: دل ذلك على ما نص عليه آباؤنا من أنه لا يجوز للمحرم أكل الصيد، سواء اصطاده هو أو محرم غيره أو حلال ... إلخ. أقول: أما عدم جواز أكل المحرم لما اصطاده هو أو محرم آخر فصحيح؛ للآية الكريمة. وأما ما اصطاده حلال فلا نسلم أنه لا يجوز للمحرم أكله؛ لحديث أبي قتادة المتفق عليه؛ فإنه كان حلالًا، ومعه جماعة من الصحابة محرمون، فاصطاد حمار وحش فأكلوا منه، وأكل منه رسول الله وهو محرم وهم محرمون، فلو كان صيد الحلال حرامًا على المحرم لما أكل منه رسول الله، وقرر الصحابة على الأكل منه» اهـ كلامه.
  أقول: لا يخفاك أن البحث الذي رقمه الشوكاني هنا يعود عليه بالنقض في بحثه الذي سبق له في النية عما قريب؛ فهو يقرر هناك أن النية ليست إلا مجرد قصد الفعل لا غير، وهاهنا أدخل أمرًا زائدًا على مجرد قصد الفعل، وهو كونه صاد لنفسه أو لمحرم أو لحلال، والتناقض معيب عند أهل النظر؛ لأنه يدل على عدم رسوخ العقيدة على شيء معين، ثم لا يخفاك أن المسألة المذكورة خلافية، والنص القرآني لا يمكن الخروج عنه، وتخصيصه أو نسخه بحديث فيه مقال لا سيما أن سورة المائدة آخر ما نزل، وإجماع العلماء أنه ليس فيها شيء منسوخ، والتخصيص هو جزء من النسخ؛ لأنه - كما يقرره علماء الأصول - يشبه الاستثناء من جهة؛ لأنه إخراج بعض الحكم، ويشبه النسخ من جهة أخرى؛ لأنه إبطال للحكم في بعض، والآية قطعية الدلالة، وهي واضحة وصريحة؛ لأن معنى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ}[المائدة: ٩٦] يعني: أكله واصطياده. فقد انتظمت الآية المعنيين معًا انتظامًا لا شبهة فيه، وتعليل الإمام الذي أورده محكيًّا عن رسول الله ÷، وهو قوله: «إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم» أو «أنا محرمون»، يقتضي تعليق الحكم بالإحرام كما أشار إليه الإمام، ومعنى تعليق الحكم به وجوده عند وجود العلة، كيف وقد خالف في هذا أبو العترة الأطايب #، فقد أخرج أبو داود في سننه، باب لحم الصيد ج ١ ص ٢٥٦: عن إسحاق