الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

الخطبتان شرط لوجوب الجمعة

صفحة 383 - الجزء 1

الخطبتان شرط لوجوب الجمعة

  قال الشوكاني: «قوله: فصل: ومن شروط وجوب صلاة الجمعة الخطبتان ... إلخ. أقول: لا شك أن النبي ÷ ما صلى بأصحابه جمعة من الجمع إلا وخطب فيها، إنما دعوى الوجوب - للخطبتين - إن كانت بمجرد فعله المستمر فهذا لا يناسب ما تقرر في الأصول⁣(⁣١)! ولا يوافق تصرفات المصنف وسائر أهل المذهب، وأما الأمر بالسعي إلى ذكر الله فغايته أن السعي واجب، وإذا كان هذا الأمر مجملاً فبيانه واجب، فما كان متضمناً لبيان نفس السعي إلى الذكر يكون واجباً، فأين وجوب الخطبة؟! فإن قيل: إنه لما وجب السعي إليها - الجمعة - كانت واجبة بالأولى فيقال: ليس السعي لمجرد الخطبة بل إليها وإلى الصلاة ومعظم ما وجب السعي لأجله هو الصلاة فلا تتم هذه الأولوية، وهذا النزاع في نفس الوجوب، وأما في كون الخطبة شرطاً للصلاة لعدم وجود دليل يدل عليه لا يخفى على عارف فإن شأن الشرطية - كما عرفت غير مرة - أن يؤثر عدمها في عدم المشروط، فهل من دليل يدل على أن عدم الخطبة يؤثر في عدم الصلاة» اهـ كلامه.

  أقول: في مداومة رسول الله ÷ على الخطبة منذ شرعت حتى لحق روحه الطاهر بالرفيق الأعلى، وفَهْم الخلفاء من بعده وغيرهم من علماء الأمة، أكبرُ دليل على شرطيتها، وأن الخطبة مرتبطة بالصلاة ارتباط الجزء بالكل، وزاد من قوة هذا الفهم أن أي خطبة حتى خطبة الوداع لم يشترط فيها الإنصات ولا حرم فيها الكلام وهذه حرم فيها الكلام ووجب الإنصات.

  ثم لو لم تكن مرتبطة - كما قلنا - ارتباط الجزء بالكل لكان جزاء من لغا في الجمعة أن يحرم ثواب الخطبة لا غير، قل له: فلماذا سرى البطلان إلى الصلاة في أحاديث صحيحة


(١) الذي تقرر في علم الأصول، هو أن الفعل لا ظاهر له، ولا يدل على الوجوب أما الفعل المستمر فله ظاهر ويدل على الوجوب. تمت شيخنا.