الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

المنع من صلاة المتوضئ خلف المتيمم

صفحة 326 - الجزء 1

المنع من صلاة المتوضئ خلف المتيمم

  قال الشوكاني: «وأما صلاة المتوضئ خلف المتيمم فقصة عمرو بن العاص تدل على الجواز، وجواب المصنف بأنه ليس في الخبر أن المصلين خلفه كانوا متوضئين غير مناسب؛ لأن الأمر لو كان كذلك لم ترفع القضية إلى النبي ÷ ولا سأله السائل عنها، وأما جوابه أنهم لم يعلموه ÷ إلا بعد خروج الوقت فغير مفيد؛ لأن تقريره ÷ لما فعله عمرو يثبت به شرع عام ويستدل به على الجواز مطلقاً» اهـ كلامه.

  أقول: لا يخفى على ذي نظر صحيح يدين بالإنصاف أن القرائن المحيطة بالحادثة هذه أو غيرها تكون قيوداً لها، فقول (كلمة الكفر) مثلاً لا يجوز التأسي فيها بعمار بن ياسر ¥ إلا بقيودها وهي: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} والقرائن التي أحاطت بموقف عمرو هي أنه أمير السرية في غزوة ذات السلاسل، وكان مسافراً والماء شديد البرد، ولهذا استشهد بقوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}، وكان أمير السرية، وأمر الصلاة من رسول الله إليه، فإذا أحيطت حال بهذه القرائن، وكان لإمامهم مزية فالظاهر عدم المنع، وأما قول الشوكاني: «دلت على الجواز مطلقاً» اهـ. فغير مسلّم.

  وفي «أصول الأحكام» ج ١، ص ١٣٩ ما لفظه: (خبر) وعن الهادي يرفعه إلى علي # أنه قال: لا يؤم المتيمم المتوضئين⁣(⁣١).

  (خبر) وعن جابر قال: كنا في غزاة فأصابت عمرو بن العاص جنابة فتيمم فقدمنا أبا عبيدة؛ لقول رسول الله ÷: «لا يؤم المتيمم المتوضئين»⁣(⁣٢).

  وفي «سنن الدارقطني» ج ١، ص ١٨٥: - باب كراهية إمامة المتيمم المتوضئين - أورد حديثاً عن جابر قال: قال رسول الله ÷: «لا يؤم المتيمم المتوضئين».


(١) الأمالي، والتجريد، والأحكام، والشفاء، والبيهقي، والدارقطني.

(٢) التجريد، الدارقطني، البيهقي.