الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

عدم قبول رواية الفاسق

صفحة 33 - الجزء 1

  معلوم مسبقاً، وإنما لينبِّه على أنهما في الوجوب أو الحرمة أو الحل سِيّان كقوله تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ}⁣[المائدة: ٥] فذكر الطيبات لا للحكم عليها؛ لأن حلها معلوم قطعاً من قبل، وإنما لينبِّه على أن طعام أهل الكتاب قد صار في الحل مثلها، وكذا قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ}⁣[المائدة: ٥] فحِلُّ المحصنات من المؤمنات معلوم قطعاً قبل نزول الآية مشهور معمول به، ولم يُذْكَر للحكم عليه، وإنما ليشير إلى أن نكاح المحصنات من المؤمنات ونكاح المحصنات من أهل الكتاب قد صارا سواء في الحل، وهو ما يسمى بدلالة الاقتران، ومنه قول أم المؤمنين عائشة: (إذا حاضت المرأة حَرُمَ الجِحْران) فليس مرادُها الحكمَ على الدُّبُر بالتحريم؛ لأنه معلوم قطعاً من قبلُ، وإنما مرادها التنبيه على استواء الحرمة في القُبُل والدبُر.

عدم قبول رواية الفاسق

  أورد الإمام الحسين # خبراً عن المغيرة بن شعبة من باب إلزام الخصم وإقامة الحجة عليه بالرواية المقبولة عنده، لا من باب تعديل الراوي الفاسق أو قبول روايته، فسارع الشوكاني إلى الدفاع عن المغيرة وأضرابه؛ لأنه يعتقد أنهم كلهم عدول وأنهم خير القرون ويردد ذلك مراراً في ثنايا «وبل الغمام».

  قال الشوكاني: «قوله: وروى المغيرة: أقول: كيف يصح احتجاج المصنف برواية المغيرة وأمثاله ممن ثبت في مذهبه ومذهب سائر العترة أنهم بغاة حتى افتتح كتابه هذا بالرواية عن أحدهم ... إلخ» اهـ كلامه.

  أقول: مما أسلفتُ لك من كلام الفقيه يتضح لك جلياً أنه لا يعتقد بَغْي المغيرة وابن آكلة الأكباد وأضرابهما؛ لقوله: «ممن ثبت في مذهبه» اهـ. أي مذهب الأمير الحسين «ومذهب سائر العترة» اهـ. أي أن الشوكاني وأئمته من بعض أهل الحديث لم يثبت