(نجاسة الدم)
(نجاسة الدم)
  قال الإمام #: وسادسها الدم المسفوح فإنه نجس حرام يدل على ذلك قوله تعالى: {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا}[الأنعام: ١٤٥] فدل ذلك على نجاسة الدم المسفوح وتحريمه؛ لأن ما حرم على الإطلاق كان نجساً والمسفوح هو المصبوب يقال: سفح الدمَ والدمعَ سفحاً: صبّهما اهـ كلام الإمام.
  قال الشوكاني: «استدل المصنف بالآية الواردة في تحريمه - أي الدم - بناء على تلك الملازمة بين التحريم والنجاسة وهي غير صحيحة كما عرفت، ومن اهتمامه بهذه الملازمة التي بنى عليها القناطر أنه قال بعد سياق الآية: فدل ذلك على نجاسة الدم المسفوح وتحريمه، فقدم دلالة الآية على النجاسة، ثم استدل ثانيا بخبر عمار المتقدم وهو لا يصلح للاحتجاج به» اهـ كلامه.
  أقول: اعلم أن كون الأحكام الشرعية من الوجوب والحرمة وغيرهما معللة بعلل معقولة يناط بها الحكم هي أكثر من كونها تعبّدية غير معقولة المعنى، وأنتَ لو ذهبتَ إلى باب السَّبْر والتقسيم(١) وهو معمول به عند الأصوليين ومعناه: اختبار ما يصلح أن يكون علة فيناط بها الحكم، وإلغاء ما لا يصلح، لما وجدتَ علّةً لشيء يخرج من البدن ولو من محل طاهر فينقض الوضوء ويجب إعادته، ويحرم أكله إلا لنجاسته كالدم.
  أما لو كان طاهراً كالدمع والبصاق وغيرهما، فليس هناك من علة يُناط بها الحكم إلّا هذا.
  والإجماع من علماء الأمة على نجاسته كما حكاه صاحب «البحر» ولم يخالف إلا الحسن بن صالح في غير دم الحيض.
  وإليك نصه من البحر الجزء الأول ص ١٦، ١٧: العاشر: سافح الدم ولو من الوزغ
(١) من طرق العلة ويسمى عند الأصوليين حجة الإجماع، انظر الكاشف لذوي العقول.