الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

الموالاة والمعاداة

صفحة 19 - الجزء 1

الموالاة والمعاداة

  اعلم أن التوحيد والموالاة والمعاداة جعلها الحق سبحانه كُلاًّ لا يتجزّأ، لا يتم ما طلبه الحق تعالى من المؤمن إلا بمجموعهما، فهما في تصوير الحق سبحانه كالماء والطين لمن أراد بناءً أو غرساً أو زرعاً، فلا يتم شيء منها إلا بمجموعهما، لا يتم بناء بماء بلا طين ولا تتم زراعة بطين بلا ماء، وهكذا.

  فقبول الإيمان لا يتم مع موالاة أعداء الله أو معاداة أوليائه، وإن شككتَ فاقرأ {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}، وغيرَها من آي الزجر لموالاة أعداء الله فقد جعل الإيمان لا ينبني منه بناء ولا يحصل منه ثمر ولا غرس إلا بمجموع الأمرين، ولا تغتر بإصرار المصرين على ولاء أولياء أعداء الله مهما صلى وصام، وتلا وقام، وتَنَسَّك وأفتى، فالحكم عليه حكم لا يُنْسَخ ولا يُبَدَّل.

  وإذا طمع في قبول عمله مع إصراره على ولائهم فقد أراد من الله خلافَ سنته، وخلافَ محكمِ آياته، وهذا لا يكون.

  وقد انغمس بعض دعاتنا في ولائهم ومذهبهم مذهب الجبر والتشبيه والحلول، والطلوع والنزول، مع أنهم يُنكرون تَردِّيهم في هذا؛ لعلمهم أنها كبيرة لا ينفع معها عمل، ولقد خلوتُ ببعضهم بعد صَرْم طويل وسألني عن سبب صَرْمه؟ فقلتُ: ظني أنك منغمس في ولاء آل فلان، وفي مذهبهم، فأنكر القبيحين، فعدتُ إلى مواصلته على ما في القلب من عدم الثقة بقوله، وبعد أيام ظَهَرَتْ على قَسَماته أعراضُ ما اتّهمته به من الولاء المحظور والوهابية فطفق يخصف عليهما من ورق الزيدية ليواري سوءاتهما، وأنّى له ذلك؟! نسأل الله منهما العافية، وعليك أن تطل إطلالة على بحث جار الله العلامة في سورة آل عمران في شرحه لقوله تعالى: {فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ} ولماذا كرر سبحانه {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ}؟!

  وأغلى ما يتمتع به المؤمن في هذه الحياة هو الإيمان فهو رأس مال المؤمن.

  فالحذر من التأسي بمن انسلخوا عن ولاية الله وتولوا أولياء يهود ونصارى.