(ترك هيئات الصلاة لا يوجب سجود السهو)
  اختلافها - تشير إلى ما يكسبه ذلك الفعل، فالواجب والحرام والمكروه والمندوب: والمندوب لغة هو المندوب إليه قال الشاعر:
  لا يسألون أخاهم حين يندبهم ... في النائبات على ما قال برهانا
  وقال: «إن المسنون والمندوب معناهما لغة أعم» اهـ.
  أقول: هب أن معنى كل واحد لغة أعم مما أراده الأصوليون، هذا أمر لا يفتّ في الحقيقة الاصطلاحية؛ لأنها تعتبر كوضع جديد يشبه النقل من المعنى الأصل إلى جزء منه، ألا ترى أن «البيت» كان موضوعاً لكل بيت، ثم صار علماً بالغلبة للكعبة، و «الكتاب» لكل كتاب، ثم صار علماً عند النحاة على كتاب سيبويه، وعند عامّة المسلمين للقرآن الكريم.
  فالعموم في أصل الوضع لا يضر الحقيقة الاصطلاحية عرفية كانت أو غيرها، وهذا يعرفه كل من له إلمام بعلم الوضع.
  ثم هب أنهما شيء واحد في الاسم جدلاً، وأنهما مترادفان، فهل يجوز إلحاق ما أمر النبي ÷ به، ولم يواظب عليه ونجعلهما سواء أو نلحق ما سجد له بما لم يسجد؟! فإن قلت: عدم السجود له لا يقتضي عدم استحقاقه للسجود.
  قلنا: لا نسلّم؛ لأنها تهمة لرسول الله ÷ أنه قصّر في البيان وقد أجمع علماء الإسلام سلفاً وخلفاً على ما رقمه الإمام الحسين # وهو أنه ليس في بعض الهيئات سجود، وسجدوا حيث سجد النبي ÷، واعجب من أمر الشوكاني! تارة يقول: إنه لا يجوز أن يكلف العباد بشيء لم يأذن به الشرع، وإيجاب مالم يجب، وأن الأصل عدم الدليل وعدم الوجوب حتى يرد الدليل وهاهنا يريد مخالفة لإجماع علماء الإسلام بأن يوجب مالم يأذن به الله شيئاً لم يَرِدْ عن رسول الله ÷! وهذا من عمل اتباع الهوى.
  وأغرب ما في محرره أنه ادعى التساوي فيما سجد فيه النبي ÷ وفيما لم يسجد فيه، ثم يطلب منا الدليل على عدم الوجود، وهو المدعي، والدليل إنما هو على الوجود لا على العدم وعلى المدعي لا على المدعى عليه.