الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

مقدار مسافة القصر بريد

صفحة 397 - الجزء 1

  أقول: ما هو الذي يرجع إليه؟ وما هو الأصل الذي أوجب؟ أليست ظلمات بعضها فوق بعض؟!

  ثم قال: «والفرار من التحكمات التي لا ترجع إلى شيء» اهـ كلامه.

  أقول: ما هي التحكمات التي لا ترجع إلى شيء؟!

  وكلامكم إلى أي سند يعود؟! وإلى أي دليل ينتهي؟!

  وهكذا من أوله إلى أن ختمه بقوله: «وأما ما رواه سعيد بن منصور «أنه كان ÷ إذا سافر فرسخاً يقصر الصلاة فهو أيضاً لا ينفي القصر فيما دون ذلك» اهـ كلامه.

  أقول: الظاهر أنه منفي؛ لأن مفهوم الفرسخ والبريد واليوم والليلة مثل مفهوم العدد وأنه يجب التقيد به وعدم مجاوزته، مثل قوله: «خذ من كل عشرين ديناراً ديناراً» فهو منع من الأقل والأكثر.

  ونحو قوله: «خذوا من كل ذمي ديناراً» يعني: لا أقل ولا أكثر، كما هو حكم مفهوم العدد عند من يقول بوجوب الأخذ به.

  والمسافة الزمنية هكذا؛ لأنها تُقدَّر بالخطوة والذراع. فقولكم ردّ عليكم.

  وقد نزَّل بعض الحنفية البريد بالشعر في أبيات نقلها عنه العالم المحقق ابن الهمام في «شرح الهداية»:

  إن البريد من الفراسخ أربع ... ولَفَرْسَخٌ فثلاثُ أميال ضعوا

  والميل ألف أي من الباعات قل ... والباع أربع أذرع فتتبعوا

  ثم الذراع من الأصابع أربع ... من بعدها عشرون ثم الأصبع

  ستٌ شَعِيراتٌ فكلُّ شَعِيرةٍ ... منها إلى جَنْب لأخرى توضع

  ثم الشَّعِيرةُ ستُّ شَعْراتٍ فقل ... من شَعْر بَغْل ليس فيها مَدْفع⁣(⁣١)


(١) أي: لا يدفع هذا القول ولا يرد. تمت شيخنا.