الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

صفة خطبتي العيدين

صفحة 399 - الجزء 1

  ما تقول لمن أضله الله على علم، وجعل من قلمه وما أبدى من النقد حجازاً بين الناس وبين سنة رسول الله ÷؟! ويقول هناك: إن المقصود الأعظم هو الوعظ! وهاهنا حين يقول الإمام: «يذكرهم أمر الصدقة والفطرة ويعلمهم أحكامها، ويعلمهم الأضحية وما يلزم فيها وأنه يسن فيها التكبير» اهـ. يقول الشوكاني: «لا دليل على كل هذا»! ولا يخجل حينما يجري قلمه بشيء يخالف ما فعله رسول الله، وجرى عليه المسلمون سلفاً وخلفاً.

  نعم: إذا كان القرآن غير شرط، والحمد والصلاة على النبي وآله كذلك، فكيف يؤدي الخطيب خطبته والواعظ موعظته؟! ومن سيقبل خطاباً أبتر مثل توجيه الشوكاني؟ هل يعقل أن تترك سنة مجمع عليها؛ لكلام لا خير فيه لا يستند إلى هدى، ولا يرجع إلى علم ولا فائدة منه؟!

  ومن أين عَلِمَ الناس الكثير من أحكام الشريعة إلا من خطابه ÷؟! فخطابه مشتمل على الموعظة الحسنة، والقرآن أعظم واعظ، وأكرم زاجر، ومَن لم يتعظ بالقرآن فلا واعظ له ولا هادي له: قلتُ شعراً:

  يَا عَجَباً مِن طَمْسِ هَدْي المصطفى ... فحَسْبُهُ حُوباً بهذا وكفى

  ومن الموعظة الحسنة التي تعتبر تعليماً وتفقيهاً للناس: بيان ما أوجب الله العمل به أو ندبهم رسول الله ÷ إلى فعله، فإذا شَرَع الخطيب بحمد الله والذكر المسنون والصلاة على النبي وآله، فإن عليه أن يعلمهم - في عيد الفطر - أحكام الفطرة، وعلى من تجب؟ ومتى تصرف؟ وكم على النفس؟ ويعلمهم الزكاة، وفيم أوجبها الله تعالى؟ ومصارفها، وفي خطبة عيد الأضحى يعلمهم الأضحية والتكبير في أيام التشريق، وغير ذلك، وإذا كان واجب النبي ÷ هذا البيان، وقيل: «إن العلماء العاملين ورثتُه» فواجبهم تِبْيان ما أوجب الله، وهل العلم إلا بالتعلم والتعليم؟!

  فحذار أن تُصغي سمعك للمخفق في كل فن، فيصدك عن نهج رسول الله ÷ وسنة رسول الله والعلماء العاملين من بعده، ولم يبق معك إلا الزامل حق شوكان، وهو لا يجوز.

  والله يعيننا عليه فقد نصّب نفسه وسلّ قلمه لهذا الغرض المردي، ولا عجب فإذا زاغ القلب زاغ اللسان والقلم {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا}⁣[آل عمران: ٨].