الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

صلاة الوتر سنة مؤكدة

صفحة 407 - الجزء 1

  الوجوب»!

  ولو كان محدّثاً لكان مدلّساً؛ لأنه أسقط عمدة الكلام عمداً، وهو يعلم أنها منصّة الحكم، ولو أنه أتى بها لبطل احتجاجُه، وظهر لَجَاجُه، ولم أجد هناك مَن يعلّق ولو بشطر كلمة على مثل هذه الزلات بل تركت مُغْفَلة على علاتها، ثم إن تمثيله للواجب المخير بخصال الكفارة سهو ظاهر، فالتحقيق أن الواجب هي الكفارة، ولا تخيير فيها.

  لو كان فيها تخيير لقيل: «كفِّرْ أو لا تُكفِّر»⁣(⁣١)، والمطلوب - وهو ما يرفع به إثم الحنث - واحدٌ من الثلاثة مبهمٌ يتعين باختيار المكلف له، وليس الواجب الجميع - كما يظن البعض - إذ لو كان الواجب الكل لما سقط بالبعض، وإذا تأملت هذا فلا تخيير في واجب، كما نقله عضد الدين عن بعض محققي الأصول حيث قال: «والحق أنه لا واجب على التخيير ولا تخيير في واجب». اهـ.

  لأن التخيير في الشيء يذهب بوجوب الطلب، وهو ما قاله الإمام # وضل عنه الشوكاني.

  ثم قال: «فالذي ينبغي التعويل عليه في دفع الوجوب⁣(⁣٢) الأحاديثُ المصرحةُ بأن الوتر غير واجب وقد ذكر المصنف بعضها» اهـ كلامه.

  أقول: قوله: «على دفع الوجوب» غير سديد؛ لأنه لم يوجد حتى يدفع، وإنما يقال: «على إرادته» وهي لفظة «المشيئة» أولاً.

  ثم قوله ÷ للأعرابي الذي قال: (هل علي غيرها؟) أي غير الخمس الصلوات في اليوم والليلة، قال: «لا، إلا أن تطوع» وقوله ÷: «خمس صلوات كتبهن الله في اليوم والليلة» وما سوّغ الابتداء بالنكرة إلا أنه أراد الاختصاص، أي لا غيرها.


(١) إنما التخيير فيما يرفع إثم الحانث وهو واجب مبهم يتعين باختيار المكلف له والمطلوب واحد. تمت شيخنا.

(٢) لصلاة الوتر.