الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

(التكليف شرط في وجوب الزكاة)

صفحة 465 - الجزء 1

  مكلف فالتاثت عليه العبارة، وقد أطال الشوكاني في عدم دخول الصبي في عموم الخطاب في الزكاة، كما أنه لم يدخل في عموم الصلاة، وأن النبي ÷ قال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى ...» إلخ، والصبيُّ ليس النبيُّ مأموراً بقتاله فلا وجوب عليه في الزكاة كالصلاة، وكذلك {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}⁣[البقرة: ١٨٥]، {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}⁣[آل عمران: ٩٧]، و {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً}⁣[التوبة: ١٠٣].

  فمن حق الزكاة - كما يزعم - أن يشترط فيها البلوغ للتكليف بها كما شرط في جميع أركان الإسلام؛ لأنها أحد أركانه.

  ثم قال: «وأما حديث الأمر بالاتجار في أموال اليتامى لئلا تأكلها الزكاة فليس مما تقوم به الحجة، وكذلك الآثار المروية عن الصحابة لا حجة فيها، وقد عورضت بمثلها فروى البيهقي عن ابن مسعود قال: «من ولي مال اليتيم فليحص عليه السنين فإذا دفع إليه ماله أخبره بما فيه من الزكاة» وروي نحو ذلك عن ابن عباس، فمن أوجب على الصبي زكاة في ماله تمسك بالعمومات فليوجب عليه بقية الأركان الأربعة تمسكاً بالعمومات ..... فلا يأمن ولي اليتيم إذا أخذ الزكاة من ماله من التبعة؛ لأنه أخذ شيئاً لم يوجبه الله على المالك ولا على الولي ولا على المال» اهـ كلامه.

  أقول: لا يخفاك أن الشوكاني جهل سبب الخلاف بين العلماء وما احتج به كل فريق فاحتج على القائلين بوجوبها بنفس دعوى عدم القائلين بوجوبها، والاحتجاج بنفس الدعوى مُصَادَر لا يُقبل؛ لأن الذين لم يوجبوها ومنهم الحنفية يقولون «إن من شرطها التكليف»، ولعل الشوكاني جهل خلافهم، فهم يقولون: «الزكاة عبادة وكل عبادة يشترط فيها البلوغ» ورُدَّ عليهم بلزوم إكمال الحَدّ وأن يقولوا: «عبادة مالية ...»، وذلك أن الوجوب عند القائلين بوجوبها على الصغير تعلَّق بالمال لا بالذمة، فيلزم إخراجُها بنظر الولي كإخراج نفقته⁣(⁣١)، ونفقة من يلزمه الإنفاق عليه⁣(⁣٢)، ويكفي فيها نية الولي.


(١) أي نفقة الصغير. تمت شيخنا.

(٢) والدليل قوله تعالى: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} لأن الوارث يعم الصغير والكبير والذكر والأنثى. تمت شيخنا.