الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

هل يمنع الدين المستغرق من الزكاة؟

صفحة 467 - الجزء 1

هل يمنع الدين المستغرق من الزكاة؟

  قال الشوكاني: «قوله: وهذا أولى؛ لأن دليله خاص، أقول: لو كان هذا الخاص صالحاً للاحتجاج به لكان الأمر كما ذكره، ولكان الدين على الرجل موجباً لسقوط زكاة مقداره مما يملكه بالنص في الدراهم ...» إلخ، كلامه.

  أقول: المذهب ما جنح إليه الشوكاني.

  والذي أدين الله به وأرجحه هو أن الدين المستغرق مانع من الزكاة؛ لأن المال قد تعلق بحق المخلوق، وحق المخلوق مقدَّم على حق الله تعالى.

  وقرأتُ في كتب بعض الأصوليين من أرباب التحقيق أن المانع مانعان: مانع سبب، ومانع حكم، فمانع السبب كالأبوّة؛ لأن القتل العمد العدوان يوجب القصاص، وأن القتل الموصوف بهذه الصفة⁣(⁣١) سبب للقصاص، فالأبوة منعت من جعل السبب سبباً.

  ومانع الحكم كتعليق الدين بالزكاة؛ لأن الزكاة حصل سببها وهو الحول وشرطها وهو النصاب وغيرها، فجاء الدين فمنع من الحكم هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن مَن في يده مال مستحق لغيره ليس بغني، عليه أن يبادر وقت الإمكان إلى تسليمه وإخلاء ذمته من تبعة حق المخلوق.

  وهذا الذي ترجح لي هو قول الإمامين محمد وزيد ابني زين العابدين $ في آخرين من العلماء والله أعلم، وعليه فتوى كثير من السلف محكية في «السنن الكبرى».


(١) القتل العمد. تمت شيخنا.