الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

ما يؤخذ من الحربي المستأمن

صفحة 505 - الجزء 1

  وأنه لا نكير ولا معترض، وحينما وقع في حَيْصَ بَيْصَ لجأ إلى إنكار الواقعة، ولم يكتف فلجأ إلى إنكار حجيتها، والأخرى أقبح من الأولى.

  ثم لماذا تناقل التابعون وتابعوهم هذه الحادثة وطوقوها بهذا القضاء وعملوا بها ودونت في كتبهم بدون نقد ولا تشكيك في وقوعها ولا في حجيتها حتى جاء مسلوب التوفيق؟ ثم يقول وهو في المقام الضنك مهزوم: «وقد عرّفتك أو عرفناك، أو فافهم» اهـ. وكم قال هذه العبارات في مقام ساخت فيه قدمُه، وأحاط به سَدَمُه؟!

  ومهما تململ عنها فهي في عنقه لازمة، وإنما دفعه مغالطة كدفاع ذي الدين المطُول⁣(⁣١).

  وتقريره أو إنكاره لا قيمة له مع إجماع الأمة سلفاً وخلفاً.

  ثم أرجع الطرف في قوله: «ولكن هاهنا أمر آخر» اهـ. وانظر هل له من علاقة بكلام الإمام أو بينه وبينه أي رابطة؟! فهو كلام لا محل له من القبول، وما هو إلا كالضيفن⁣(⁣٢)، وأظنه أوجس من نفسه الهزيمة فأراد أن يجعل له مِجَنّاً يتّقي به سهام النقد.

  ولا شك أنه قد أحاط الموضوع النظيف بقاذورات، نسأل الله أن يعيننا على إزالتها، ويعجل لـ «الشفاء» منها الشفاء.

  وكنتُ أرى أن تعليقه حقيق بأن يُسَمَّى «وَبْل الغُمَام» بضم الغين.


(١) المطول: صيغة مبالغة بمعنى كثير المطل. تمت شيخنا.

(٢) الضيفن الذي يأتي مع الضيف بدون دعوة ومنه بيت المتنبي:

ضيفٌ يجر على المضيف ضَيْفَناً