الدعاء عند المشعر ليس بنسك ولا واجب
  وبيّنا غلط احتجاجه. ثانيا: لو وقف الحاج بعرفة ثم رحل بعد الغروب وصلى مع الإمام ثم نام حتى انتبه لصلاة الفجر، ثم خرج مع الناس فحجُّه صحيح إجماعًا. ثالثا: رخص النبي ÷ للضَّعَفَة ومن معهم بالخروج ليلا، ولو كان الذكر واجبًا لنبه عليه، ولما سَكَتَ عنه؛ لأنه ~ وآله، فِعْلُه وتركُه في ذلك المقام عن الله فهو حجة، رابعا: قد فسَّر بعض العلماء الذكر عند المشعر الحرام بالصلاة التي تقام فيه، من تسمية الجزء باسم الكل، كما سميت صلاة الفجر قرآنًا؛ لاشتمالها عليه بعلاقة الجزئية، كما في قوله تعالى: {جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ}[نوح: ٧]، وهم إنما جعلوا أناملهم.
  ثم إنه كان لزامًا على الفقيه أن يجعل الذكر في (منى) واجبًا ونسكًا؛ لورود النص والأمر القرآني به في قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ}[البقرة: ٢٠٣]؛ لأنها ليالي منى بالإجماع.
  وبالجملة فلا يسعنا إلا أن نرفع شكوانا به إلى الله ونشهده على تحدي سنة نبيه، والتعالي عن قبولها، وعدم الانقياد لها، وفتح الباب أمام من يصدف عنها، واستمرار الدعوة إلى ضدها بلا خوف من الله ولا حياء، وأعجبُ من هذا أن هذه الجهالات والضلالات تُمْلَى على الناس وكأنها مَحْضُ الهُدَى، وخلاصة الحق، ودَرْب النجاة، اللهم صل على محمد وآل محمد، واعصمنا مما لا يُرْضيك، وأوزعنا على مراضيك، ولا تجعلنا من عابدي الهوى، إنك ولي ذلك والقادر عليه، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.