الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

واجبات المناسك التي يجبر تركها بالدم

صفحة 182 - الجزء 2

  نعم: هل يجوز التسوية بين طواف الزيارة وبين غيره؟ أو بين الإحرام وبين ما بعده؟ أو بين المبيت بمزدلفة وبين المبيت بمنى؟ على أن الفقيه قد نقل في بحث طواف الزيارة في (الجرار) إجماع العلماء على فَرْضيته، وفوات الحج بفواته، وأي الأمرين أرشد وأدنى إلى إصابة السنة وأقوم سبيلًا، اتباع العلماء وما رووه وعملوا به عن أسلافهم، ودوّنوه في كتبهم، أو اتَّباع الزامل المبني على جَهْل، ودعوى فارغة لا يجوز الالتفات إليها، وخطاب طويل غير طائل.

  أرى ويرى معي كل منصف طالب للحق، نابذ للهوى أن اتباع علماء الأمة لا سيما وفيهم علماء العترة المطهرة أولى وأحق من دَرْزَنْ زامل؛ لأن اتباع المتبع أولى من اتباع المبتدع، والعلماء أهل الورع لا يجوز الظن بهم اجتهادًا في مقام الحج؛ لأنها أمور أُخِذَتْ لا سبيلَ للعقل إليها، وإنما سلطانها⁣(⁣١): «خذوا عني مناسككم»؛ فالتفريق بين أعمال الحج مأثور لا مبتدَع، ومَرْويٌّ لا مختَرع، وهذا هو الأصل بدليل ما هم عليه من الورع الشحيح ومخافة الله، ومن ادعى غير هذا فلا تُسْمَعُ دعواه.

  ولهذا خطَّأْنا من قاس استلام حديدة قبر النبي ÷ على استلام الحجر الأسود؛ لأنه قياس فاسد الاعتبار لا يجوز الأخذ به.


(١) برهانها ودليلها، تمت شيخنا.