الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

عدم جواز أكل المحرم لما اصطاده الحلال

صفحة 204 - الجزء 2

  بن عبدالله، عن الحارث، عن أبيه عبدالله بن الحارث بن نوفل، وكان خليفة عثمان على الطائف صنع لعثمان طعامًا فيه من الحِجِل واليعاقيب ولحم الوحش، فبعث إلى علي #، فجاءه الرسول وهو يخبط لأباعِرَ له، فجاءه وهو يَنْفُضُ الخَبْطَ⁣(⁣١) عن يديه، فقالوا له: كُلْ، فقال: «أطعموه قومًا حلالًا فإنا حُرُمٌ»، فقال علي: أنشد من كان هاهنا من أشجع أتعلمون أن رسول الله ÷ أهدى إليه رجل حمار وحش وهو محرم، فأبى أن يأكله؟ فقالوا: نعم اهـ المراد. وذكر هذا الحديث الطحاوي في «شرح معاني الآثار»، في باب لحم الصيد الذي يذبحه الحلال، ولم يقل: أنشد من كان هاهنا ... إلخ. وإنما قال: فقال علي #: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا}⁣[المائدة: ٩٦]. اهـ المراد.

  وتغليب جانب الحظر على الإباحة هو المقرر، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، لا سيما أن الحق سبحانه يرفع راية التحريم والتحذير من أول السورة، فيقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ}⁣[المائدة: ١].


(١) الخَبْطُ: بفتح الفاء مصدر خبط، وبضمها المتساقط بالخبط، وكان علي # يخبط أوراق الشجر للأباعر، وهي جمع بعير، والبعير يطلق على الذكر والأنثى، والذكر جمل، والأنثى ناقة. تمت من شيخنا.