الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

التحليل

صفحة 348 - الجزء 2

  يهدم⁣(⁣١) الواحدة والاثنتين مبني على غير تحقيق، والتحقيق أن التحليل كما أوضحت لك هَدْمُ الحرمة المسببَّة عن الثلاث التي لم تجلبها طلقة أو طلقتان⁣(⁣٢)؛ فلا يصح تعليلهم بقولهم: ما دام هَدَمَ الثلاث فهو على هدم أقل منها أقدر؛ لأن هذا القول مجرد عن التحقيق، وكيف يهدم التحليل شيئا لا وجود له؛ فما رقمته لك هو الحق وهو التحقيق، وهو بالقبول حقيق. أما قياس الشوكاني، وقوله: «قياس الأولى» اهـ، فكلام لا يخرج بين الناس، وهو في انتقاده نقل عن الـ (ضوء) بلا ضوء، والله المسؤول.

  ثم إن قوله تعالى: {فَإِن طَلَّقَهَا} يعني الزوجَ الثاني {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} أي على من ثَلَّث طلاقها ومطلقته {أَن يَتَرَاجَعَا} ليس على إطلاقه، بل هو مشروط بأن تنقضي عدتها من الزوج الثاني الذي لم يطلقها إلا واحدة، وألاَّ يراجعها فيها، فإن راجعها فهو أولى بها، لقوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ}، فإن تمَّ هذا كله فللأول الذي ثَلَّثَ طلاقها نكاحُها بعقد جديد وبرضاها ومَهْرٍ؛ لأن قوله تعالى: {حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} ليس رفعاً للتحريم وإنما هو رفع لحرمة المراجعة التي جلبها التثليث، وهذا هو تحقيق المقام والله المستعان.


(١) التحليل.

(٢) مراد شيخنا حفظه الله: أن التحليل هدم الحرمة التي أوجدتها الطلقة الثالثة، ولم تكن ثم الطلقة الأولى ولا الثانية موجودة.