الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

الجدات أولى بالحضانة من الخالة

صفحة 366 - الجزء 2

الجدات أولى بالحضانة من الخالة

  قال الشوكاني: «قوله: يدل على أن الجدات بالحضانة إذا ماتت الأم أولى من الأب ... إلخ، أقول: ليس في حديث (أنتِ أحقُّ به) ما يدل على هذا، ولو قيل: (إن الخالة أولى من الأبِ والجدات) لحديث: (الخالة أمٌ)، لكان أولى، فإنه يقال في الاستدلال: الخالة أم، والأم أحق بالصبي، فينتج (الخالة أحق بالصبي)، والدليل على المقدمة الأولى الحديث، وعلى الثانية الحديث الآخر، فلا محيص لمن قال بأولوية الأم على غيرها أن يقول بذلك في الخالة» اهـ كلامه.

  أقول: قد زعم الفقيه في بحثه هذا أن الخالة أم، وأن الجدة أُمَّ الأمِّ ليست بأمّ، فجَعَلَ من تشبيه النبي لها بالأم أُمّاً، ولم يجعل من حكم القرآن بأنها أم أماً. قل للفقيه: فَبِمَ حَرُمَ نكاح الجدات أمهات الأم ولا نص عليهن في القرآن إنما النص على الأمهات؟! أليس الإجماع قائماً بأن النص المحرِّم لهن هو قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ ...}⁣[النساء: ٢٣]؟! وذَكَرَ سبحانه الخالة باسمها، لعدم دخولها في الأم، ولو كانت أُمّاً حقيقة لما عطفها بوصفها الخاص على الأم فقال سبحانه: {وَخَالاَتُكُمْ}، عجباً لمن تمسك بمجازات الحديث وترك حقائق القرآن!.

  ثم إنه يُرَكِّب دليلاً برهانياً يُشْبِه رأيهَ فيقول: «الخالة أم، والأم أحق بالصبي» اهـ. ونحن لا نسلِّم سلامة المقدمة، ثم إن القياس البرهاني لا بد أن يشتمل على مقدمة صغرى وتليها كبرى فتقول: (الإنسان مؤلف ...) هذه المقدمة صغرى، (وكل مؤلف مُحْدَث) هذه المقدمة الكبرى، ليصح الحكم، وتندرج الصغرى تحت الكبرى، لكن الفقيه لا يفهم هذا، فأخذ من رأس كيسه قياساً مبتوراً.

  ولو كانت الخالة أُمّاً حقيقة لورثت الثلث أو السدس (كما هو حظ الأم) بل الجدة هي التي ترث ميراث الأم، وهي - أي الجدة - سهامية، أما الخالة فهي من ذوي الأرحام الذين لا يرثون إلاّ عند عدم العصبات وذوي السهام، وستجد أن الفرق كما في الشعر:

  والفرق بين الذي نقفوا وما اقترفوا ... كالفرق مابين زيديٍ ووهابي