شرح الأزهار ط أهل البيت،

عبد الله بن أبي القاسم بن مفتاح (المتوفى: 877 هـ)

(مقدمة)

صفحة 111 - الجزء 1

(مُقَدِّمَةٌ)⁣(⁣١)


(١) يقال بفتح الدال وكسرها، والفتح: على أن المعنى أن المؤلف أيده الله قدمها أمام المقصود، فهي اسم مفعول، وبالكسر: على أن المعنى أنها قدمت شيئاً أمام المقصود، وهو معاني فصولها، ويكون نسبة التقديم إليها مجازاً، وإلا فالمقدِّم حقيقة هو المؤلف أيده الله تعالى، وذلك كما يقال: «عيشة راضية» والمعنى: مرضية. ويمكن أن «مقدِّمة» - بالكسر - بمعنى: متقدمة في نفسها من غير نظر إلى أنها قدمت شيئاً، فقد جاء ذلك، ومنه المثل: «قد بَيَّن الصبح لذي عينين»، ولا يريدون أنه بين شيئاً آخر، بل يريدون أنه قد تبين واتضح، يضرب مثلاً لمن لم يفهم الأمر مع اتضاحه، أو تعامى عنه، فيكون المعنى: أنها متقدمة لا بالنظر أن شيئاً آخر قدَّمها، ولا أنها قدَّمت شيئاً، وعلى الجملة فهي ما يقدم أمام المقصود لارتباط له بها، وانتفاع بها فيه. وفي كونها مقدمة علم أو مقدمة كتاب فرق يذكرونه، وهو في الحقيقة اعتباري لا حقيقي؛ لأنهم يقولون: إن مقدمة العلم: هي التي يتوقف على معرفتها معرفة مسائله، ومقدمة الكتاب: لطائفة من كلامه قدمت للانتفاع بها فيه؛ لما بينهما من الارتباط، سواء توقف عليها أم لا، وهذه هي مقدمة كتاب؛ لأن معرفة الفقه - أعني: فهمه - لا يتوقف على معرفتها، وبينهما ارتباط ظاهر، ولها انتفاع فيه، ولا يصدق عليه الآخر، وهو كونها مقدمة علم؛ لأن شيئاً من الفن لا يتوقف في معرفته على معرفتها، وإن توقف من حيث ترتب جواز العمل بمقتضاه فهو أمر وراء معرفته، ويلوح لي - والله أعلم - أن هذه ليس القصد بها واحداً من المعنيين، بل المقصود بها أمر ثالث غير مقدمة العلم والكتاب، وهي معنى كونها مقدمة بالفتح والكسر، يجب تقديمها على الخوض فيما بعدها؛ لا لأجل توقف فهمه عليها، ولا لأجل الانتفاع بها في فهم شيء منه، بل لوجوب معرفتها أولاً، وتوقف استثمار وضع الفقه والعمل به عليها، وهذا معنى ثالث لم أر أحداً لمح إليه، وهو المقصود، كما هو المعروف من حالها ومعرفة فصولها، فيكون معنى مقدمة: «هذه مقدمة» أي: لا يجوز إهمالها، أو تقدم شيء عليها، والله أعلم. قال الوالد أيده الله حين اطلاعه عليه: وهذا المعنى هو الذي قصدناه وقصده صاحب الأزهار. (من شرح المقدمة بلفظه لسيدي عبدالله بن الإمام شرف الدين # من خطه).

(*) وفي الصحاح ما لفظه: ومقدِّمة الجيش - بكسر الدال -: أوله. اهـ ولفظ الشرح الصغير: والمقدمة مأخوذة من مقدمة الجيش للجماعة المتقدمة منه، من قدَّم بمعنى تقدم. يقال: «مقدمة العلم» لما يتوقف عليه الشروع في مسائله. ومقدمة الكتاب: لطائفة من كلامه =