(فصل) [في المقلد والتقليد]
  أكثرها مستنداً(١) إلى آية صريحة أو خبر متواتر صريح، فيستغني عن كثير منها - أي: من الإجماعات - بمعرفة ذلك المستند، وهو يكون موجوداً في الآيات والأحاديث التي اعتبر معرفتها، فلا يخرج عن ذلك إلا القليل(٢)، فحفظها يسير غير عسير بعد هذا التنبيه الذي أوضحناه؛ لكن ينبغي حفظ ذلك القليل أبلغ مما مر(٣) حذراً من الخطر في مخالفة الإجماع(٤).
(١) مسألة: والإجماع حجة لا تجوز مخالفته، والمعتبر إجماع أهل العصر[١]، فما وقع بعده من خلاف فلا حكم± له عند الأكثر، وأمّا إذا خالف عالم في مسألة، ثم انقرض قوله فيها، ولم يبق له فيها أتباع[٢] يعملون بقوله، بل أجمع المتأخرون على خلافه كابن أبي ليلى[٣] ونحوه[٤] - فقال المؤيد بالله والأكثر: لا يعتد بخلافه¹، ولا يجوز العمل به؛ لوقوع الإجماع على خلافه. وقال المتكلمون وبعض الحنفية: إن خلافه باق، وإنه يعتد به، ولا يكون الإجماع[٥] بعده حجة. (بيان، ويحيى حميد).
(٢) قيل: أربعة عشر. وقيل: اثنا عشر، وقيل: ثمان.
(٣) في الكتاب والسنة.
(٤) فيعرفها بحيث يعرف أن ما أدى إليه اجتهاده ليس مخالفاً للإجماع، أعني: بأن يعلم أنه موافق لمذهب صحيح، أو يعلم أن هذه المسألة حادثة لا خوض فيها لأهل الإجماع. والخطر في مخالفة الإجماع إنما يعظم إن صح استدلال قاضي القضاة بقوله تعالى: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى}[النساء ١١٥] [على أنه] قطعي فإنه يستلزم فسق من خالفه، وأما إذا اختار قول الإمام المهدي في المنهاج: «إنه ظني» فلا سبيل إلى القطع بفسقه، ذكره مولانا # في الغايات.
[١] يعني: المجتهدين منهم لا الذين لا تمييز لهم اتفاقاً، وفي المميزين الذين لم يبلغوا درجة الاجتهاد خلاف بين أهل الأصول، وهذه المسألة من فروض المجتهدين فقط. (بيان).
[٢] المراد به لم يبق له اتباع مجتهدون، فأمّا إذا بقي له أتباع لا يعتد بهم في الإجماع، واتفق مجتهدو العصر سوى أولئك الأتباع على خلاف قوله - فهو كمن لم يبق له أتباع أصلاً - فقيل: إن القول لا ينعدم بموت قائله، فلا ينعقد إجماع بعده. وقيل - وهو الأصح -: إنه لا عبرة به، وإن انعقاد العصر الثاني مبطل لقول ذلك العالم الذي كان في العصر الأول؛ لأن العبرة بأهل العصر، والميت ليس منهم. (بستان بلفظه).
[٣] أن شهادة الفقير غير مقبولة.
[٤] كما روي عن طاووس أن العبد يرث سيده إذا مات، وقد انقرض خلافه بموته.
[٥] وقوّاه الإمام المهدي في المعيار، واحتج له.