شرح الأزهار ط أهل البيت،

عبد الله بن أبي القاسم بن مفتاح (المتوفى: 877 هـ)

(فصل) [في المقلد والتقليد]

صفحة 129 - الجزء 1

  وخامسها: علم أصول الفقه⁣(⁣١)؛ لأنه يشتمل على معرفة حكم العموم والخصوص⁣(⁣٢)، والمجمل⁣(⁣٣) والمبين⁣(⁣٤)، وشروط⁣(⁣٥) النسخ⁣(⁣٦)،


(١) ويكفي في ذلك مختصر، قال الدواري: كالفائق للرصاص، والتقريب للقاضي شمس الدين. قلت: وينبغي أن يعتبر التحقيق فيه خاصة؛ إذ هو قطب رحا الاجتهاد؛ لأنه لا يقدر على استنباط الأحكام على الوجه المعتبر إلا ذو القدم الراسخ. (شرح حابس لفظاً).

(٢) مثل قوله تعالى: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}⁣[المائدة ٣٨] مخصص باشتراط الحرز. (شرح فتح). وقوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}⁣[التوبة ٥] مخصص بتحريم قتل من ضربت عليه الجزية.

(٣) كقوله تعالى: {وَآتُوا الزَّكَاةَ}⁣[البقرة ٤٣] فإنه مجمل، وبُيِّنَ بالسنة فيما يجب وفيما لا يجب. والمطلق والمقيد كقوله ÷: «في الإبل زكاة» قُيِّدَ بالسائمة.

(٤) والمطلق والمقيد.

(٥) كنسخ الكتاب بالكتاب⁣[⁣١] ونسخ السنة بالكتاب، ونسخ المتواتر بالمتواتر، ونسخ الآحاد بالآحاد وبالمتواتر، وأن الإجماع لا ينسخ ولا ينسخ به.

(٦) مسألة: وشروط النسخ أربعة: الأول: أن لا يكون الناسخ والمنسوخ عقلياً، مثال الناسخ العقلي: ارتفاع التكليف بالنوم والسهو والجنون. ومثال المنسوخ العقلي: إباحة ذبح الحيوان، وإيجاب الصلاة والزكاة والصوم والحج، فرفع الحكم على أحد هذين الوجهين لا يكون نسخاً شرعياً، وكذلك كل حكم لا يتغير وجه وجوبه أو قبحه، كوجوب قضاء الدين ومعرفة الله تعالى، وقبح الظلم والجهل ونحوهما، فإنه لا يصح دخول النسخ عليه؛ لامتناع تغير حكمه. الشرط الثاني: أن لا يكون الذي يزيله الناسخ صورة مجردة، كنسخ صورة التوجه إلى بيت المقدس، فإن الناسخ للتوجه إليه لم ينسخ صورة التوجه، وإنما أزال وجوبه فقط، وكذلك كل منسوخ، فإنه لا يزيل الناسخ صورته، وإنما ينسخ وجوبه فقط، فإنه يستحيل أن تزول صورة فعل بناسخ شرعي، وإنما يزول به الحكم، وهذا الشرط شرط لصحة النسخ لا لوقوعه. والشرط الثالث: أن يتميز الناسخ من المنسوخ، فيكون الناسخ مخالفاً للمنسوخ بوجه، أما لو لم يخالفه كان إياه، نحو أن يأمر الشارع بصلاة ركعتين في وقت مخصوص، ثم يقول: قد نسخت تينك الركعتين وأمرتك بصلاة مثلهما قدراً وصفة في ذلك الوقت، فإنه لا يتميز الناسخ من المنسوخ في هذه الصورة. الشرط الرابع: أن ينفصل عنه، فيكون الناسخ منفصلاً لا متصلاً، احتراز من رفع الحكم بالغاية، نحو قوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}⁣[البقرة ١٨٧] فإن الغاية رافعة لوجوب الصيام، لكنها متصلة بالجملة المثبتة للحكم فلم تكن ناسخة. انتهى (من معيار العقول في علم الأصول). قال في التلخيص ليحيى حميد: لا يجوز النسخ قبل إمكان الفعل، نحو أن يقول: «حجوا هذه السنة»، ثم يقول قبل دخولها: «لا تحجوا»، خلافاً لابن الحاجب.


[١] مثل قوله تعالى: {مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ}⁣[البقرة ٢٤٠] نسخها قوله تعالى: {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}⁣[البقرة ٢٣٤]. (فائق).