(فصل): [وكل مجتهد مصيب]
  أمر أو تحريمه أو ندبه أو إباحته(١) فذلك هو مراد الله تعالى منه(٢) ومراد الله تابع لما أداه إليه نظره، لا أن نظره تابع لمراد الله تعالى(٣). وليس القصد بتوفية الاجتهاد
= علينا، وقال الآخر: وأنا وثقت من الله بالنصر لرسوله ÷ وتمكينه منهم فتبقى أراضيهم فيئاً للمسلمين ينتفعون بها، فجعلت أصلحها لذلك؛ فتوقف النبي ÷ في تصويب أيهما حتى نزلت هذه الآية. دل ذلك على تصويب المجتهد. (يحيى حميد).
(*) قال المؤيد بالله في الزيادات: المراد بأن كل مجتهد مصيب فيما يخص المجتهد أو يفتي به أو يحكم به لغيره، لا على العموم؛ إذ لو كان في يد الجد مال موروث عن ابن ابنه، وللميت أخ، فقال الجد: المال في اجتهادي لي؛ لأن اجتهادي أن الأخ لا يقاسم الجد، وقال الأخ: بل نصفان - لم يكن كل مجتهد مصيباً، بل يتحاكمان، فما حكم به الحاكم فهو المعتمد. (تكميل). يقال: هو مصيب في اجتهاده، إلا أنه لا يحكم لنفسه.
(١) أو كراهيته، أو صحته، أو فساده.
(٢) وقد ذكر في العضد وحاشيته لسعد الدين أن لله تعالى مرادات باعتبار اختلاف اجتهاد المجتهدين، وهو صريح قولنا. (شرح فتح). لأن تكليف المجتهد بلوغ غاية الترجيح، فمتى بذل جهده فهو مراد الله تعالى. (معيار).
(٣) لأن الله تعالى لا مراد له في الاجتهاديات قبل الاجتهاد، وهو معنى ما ذكره سعد الدين. (ديباج).
(*) قال بعض العارفين: وإنما قيل بتصويب كل المجتهدين بالنظر إلى مطلوب الرب سبحانه وتعالى منهم؛ لأنه سبحانه إنما طلب منهم أن يجتهدوا في طلب الصواب لا في إصابته، كما طلب من الرماة المجاهدين أن يجتهدوا في إصابة الكفار، ولم يطلب منهم أن يصيبوا في رميهم، وذلك من عدل الله ورحمته، حيث علم أن لا طريق لهم ولا إطاقة سوى الطلب، فقد أصابوا مراد الله تعالى - وهو الاجتهاد في طلب الإصابة - ولم يصيبوا في مطلوبهم الذي هو الإصابة، فالذي تحرى القبلة كالذي يرمي الكفار في الجهاد يصيب ويخطئ، وهو في خطئه وإصابته مصيب لمراد الله في طلب الصواب، فبان أن هاهنا مطلوبين اثنين، أحدهما لله تعالى، وهو: طلب الإصابة لا سواه، وثانيهما مطلوب المجتهد، وهو: طلب إصابة عين ذلك الحق المشروع المطلوب، كالكعبة في تحري القبلة. والخطأ الذي يطلق على المجتهد بل على المعصوم هو الخطأ الذي تقتضيه الإصابة كخطأ الرامي للكفار مع أنه مصيب به.