(فصل): في بيان ما يصح تأجيره وما لا يصح، وبيان المنفعة التي يصح عقد الإجارة عليها، وشروط صحة الإجارة
  فجائز°، كما قال أهل المذهب في جواز أخذ
(*) وأما الفاسق فإن كانت القراءة على قبره أو إلى روحه لم يجز أخذ´ الأجرة على ذلك، وإن كانت إلى روح النبي ÷ أو أهل الكساء أو غيرهم من الفضلاء جاز ذلك±، وحل أخذ± الأجرة على ذلك، كالتحجيج. (عامر). ولفظ سؤال ورد على سيدنا العلامة إبراهيم بن محمد حثيث نقل من خط يده الكريمة ¦: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله: ما قولكم رضي الله عنكم، وأصلح أحوالكم وختم بالصالحات أعمالكم، وأدخلكم الجنة عرفها لكم بالقراءة مما تيسر من القرآن الكريم على قبور الموتى لمن ظاهره التهتك في العصيان، وأخذ الأجرة عليها مع الوصاية وغيرها، هل يجوز ذلك، وتصح الوصية، وتحل الأجرة أم لا؟ أفتونا مأجورين، لا عدمكم المسلمون، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.
فأجاب: مقتضى نصوص أهل المذهب والمتقرر من القواعد الشرعية منع القراءة إلى أرواح الفساق؛ لوجوه، أحدها: قوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ}[التوبة ١١٣] إلخ، والفاسق داخل في العلة؛ إذ هي كونهم من أهل النار، والسبب الشرك، ولا شك أن القرآن العظيم أعظم من الاستغفار. وثانيها: منع الدعاء للفاسق والترحم عليه وموالاته بعد الموت كحياته، وقراءة القرآن إلى روحه من أعظم الدعاء والترحم والموالاة. ومنها: أن في ذلك تعظيماً له، ولا شك في منعه، وقد منعوا ما هو أهون من ذلك في التعظيم، كبناء قبة عليه، ورفع قبره. ومنها: أني وقفت على أن ذلك ممنوع بالإجماع في الفاسق كالكافر، وكفى به دليلاً. ومنها: أنه يلزم جواز القراءة إلى روح الكافر، ولا شك في منع ذلك. ومن قال: إن القرآن ليس بدعاء فقد أوغل في الإبعاد؛ إذ قد صرح العلماء في غير موضع بأنه أفضل الدعاء، وكيف لا وفي صلاة الكسوف والزلزلة وغير ذلك من المواضع أفضل الدعاء القرآن، وهذا ظاهر لا لبس فيه. ولعل شبهة من قال: ليس بدعاء من قول أصحابنا في القنوت: ولا يجزئ بقرآن ليس فيه دعاء، وهذا غير جيد؛ إذ المراد ليس فيه دعاء مخصوص. ومنها: أن هذا غير مستنكر كما استنكر غيره من أمر الكفار ومن في حكمه بقراءة القرآن على المؤمنين. بذلك يثبت بطلان الإيصاء بذلك؛ إذ هو وصية بمحظور، وإذا بطلت الوصية بذلك كان المال الموصى به لذلك موروثاً، ومع عدم الوارث لبيت المال. ولو وجدت سعة في الوقت والكاغد لبسطت في الجواب ردعاً للمكابرة، والله أعلم. (بلفظه).