عدم وجوب الوضوء على الجنب قبل نومه أو أكله
  طريق عائشة، وذهب الجمهور إلى حمل الأمر بذلك على الندب والعدول به عن ظاهره؛ لمكان عدم مناسبة وجوب الطهارة لإرادة النوم (أعني المناسبة الشرعية) اهـ ... إلى أن قال: وكذلك اختلفوا في وجوب الوضوء على الجنب الذي يريد أن يأكل أو يشرب وعلى الذي يريد أن يعاود أهله، فقال الجمهور في هذا كله: بإسقاط الوجوب؛ لعدم مناسبة الطهارة لهذه الأشياء، وذلك أن الطهارة في الشرع إنما فرضت لأحوال التعظيم كالصلاة وأيضاً فلمكان تعارض(١) الآثار في ذلك.
  وذلك أنه روي عنه ÷ (أنه أمر الجنب إذا أراد أن يعاود أهله أن يتوضأ)، وروي عنه (أنه كان يجامع ثم يعاود ولا يتوضأ) اهـ المراد من (بداية المجتهد) الجزء الأول ص ٤٣.
  ثم قال الشوكاني: «فليس في شيء من هذه الأحاديث تعارض أصلاً كما يعرفه من له بعض اشتغال بعلم الأصول» اهـ.
  أقول: هكذا قال الشوكاني فصح العكس: وهو أن القائلين بالتعارض هو الجمهور، وهم الذين لهم تأليف علم الأصول وتعريفه، ونشره، ومن قال بغير قولهم فلا يَعرف في علوم الأصول شيئاً.
  ثم قال: «وظاهر النهي التحريم للترك وظاهر الأمر الوجوب للفعل» اهـ.
  أقول: إليك ما في (المغني) الجزء الأول ص (٣١١) ولفظه:
  ويستحب(٢) للجنب إذا أراد أن ينام أو يطأ ثانياً أو يأكل أن يغسل فرجَه ويتوضأ، وروي ذلك عن علي وعبدالله بن عمرو وكان ابن عمر يتوضأ ولا يغسل قدميه، وقال ابن المسيب: إذا أراد الجنب أن يأكل يغسل كفيه ويتمضمض، وقال أصحاب الرأي: ينام ولا يمس ماءً؛ لما روى الأسود عن عائشة: (كان ينام ÷ وهو جنب لا يمس ماءً) أبو داود وابن ماجه وغيرهما - وروى أحمد في (المسند) عن عائشة أنه ÷ كان يُجْنِبُ ثم ينام ولا يمس ماءً حتى يقوم بعد ذلك
(١) أثبت ابن رشد ما نفاه الشوكاني من التعارض. تمت شيخنا.
(٢) يعني ألا وجوب ولا تحريم كما زعم العالم بالأصول. تمت شيخنا.