الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

(على الرجل الممني البول قبل الغسل من الجنابة)

صفحة 121 - الجزء 1

  قال الشوكاني: «فلو سلمنا صحة حديث: «إذا جامع أحدكم فلا يغتسل حتى يبول» لم يدل على المطلوب لمكان ذكر العلة وهي حصول الداء من تردد بقية المني في الإحليل فإن ذلك مشعر برفع الوجوب». اهـ كلامه.

  أقول: من أين للشوكاني عدم الوجوب؟!

  ولماذا لم يعلل بعلة أصولية ويقول: إنه إذا كان ... كان كذا؟!

  ثم إنا نقول: مع ثبوت نص الحكم وصحته عند أهل بيت رسول الله فلا يلزمهم تعليل لم يقل به أحد.

  مع أن بعض العلل طردية لا تأثير لها في الحكم، والمتفق عليه عند الأصوليين أن العلة إذا عادت على الحكم بالنقض وجب إلغاؤها.

  انظر إلى قوله تعالى: {لاَ تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً}⁣[آل عمران: ١٣٠] مفهومه (حل القليل من الربا) وهذا ليس مقصوداً وإنما المراد تعييرهم على قبح فعلهم، ووجب إلغاء مفهوم العلة والعمل بالنص.

  ثم قال الشوكاني: «الحكم الثاني مما أثبتوه بما لم يثبت: (وجوب الانتظار إذا لم يبل إلى آخر الوقت، وهذا أيضاً إيجاب آخر لابد من برهان من الله أو رسوله يدل عليه، وإلا كان من التقول على الله وعلى رسوله بما لم يقولاه». اهـ كلامه.

  أقول: أخطأ الشوكاني في العطف بين (الله) و (رسوله) بـ (أو) وهو لا يعطف إلا بالواو، كما في كتاب الله، ثم أخطأ في تثنية الضمير لله ورسوله، في قوله: (بما لم يقولاه) وقد قال ÷ للخطيب الذي خطب وقال: (ومن يعصهما): «بئس خطيب القوم أنت»⁣(⁣١) لأن معصية الله معصية لرسوله، ومعصية الرسول معصية لله⁣(⁣٢).


(١) حديث عدي بن حاتم ¥ أن رجلاً قال: (من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى) فقال ÷: «بئس خطيب القوم أنت قل: ومن يعص الله ورسوله فقد غوى».

(٢) ولهذا قال المفسرون: إن معنى قوله: {وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} هو (من يعص رسول الله) لأن من أطاع الرسول فقد أطاع الله ومن عصى الرسول فقد عصى الله.