(نجاسة مني الإنسان)
  الفم. اهـ. ثم قال ما لفظه: لأن الواجب بخروج ذلك مسمى بالتطهير، قال الله تعالى في آخر آية الوضوء: {وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ}[المائدة: ٦]، والطهارة لا تكون إلا عن نجاسة، وقال تعالى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ}[الأعراف: ١٥٧] والطباع السليمة تستخبث هذه الأشياء، والتحريم - لا للاحترام - دليل النجاسة، ولأن معنى النجاسة موجود في ذلك كله، ولا خلاف في هذه الجملة إلا في المني فإن الشافعي زعم أنه طاهر، ولنا ما روي أن عمار بن ياسر ¥ كان يغسل ثوبه من النخامة فمر رسول الله ÷ فقال له: «ما تصنع يا عمار؟» فأخبره بذلك فقال ÷: «ما نخامتك ودموع عينيك والماءُ الذي في ركوتك إلا سواءٌ إنما يُغسَل الثوبُ من خمسٍ: بول وغائط وقيء ومني ودم» أخبر أن الثوب يغسل من هذه الجملة لا محالة، وما يغسل الثوب منه لا محالة يكون نجساً، فدل على أن المني نجس.
  وروي عن عائشة أن رسول الله ÷ قال لها: «إذا رأيت المني في ثوبك فإن كان رطباً فاغسليه» ومطلق الأمر محمول على الوجوب، ولا يجب إلا إذا كان نجساً، ولأن الواجب بخروجه - أي المني - أغلظ الطهارتين (وهي الاغتسال) والطهارة لا تكون إلا عن نجاسة، وغلظ الطهارة يدل على غلظ النجاسة كدم الحيض والنفاس ولأنه - أي المني - يمر بميزاب النجس فينجس بمجاورته، وكونه أصل الآدمي لا ينفي أن يكون نجساً كالعلقة والمضغة ... إلخ. اهـ المراد.
  ثم قال الشوكاني: «والثاني ما أورده عن جماعة من الصحابة وذلك لا تقوم به حجة» اهـ كلامه.
  أقول: نعم هذا عندكم، أما عندنا فهو إعمال لحديث عمار | وتصديق له وتزكية لصحبته، لاسيما أن بعضهم كان يغسل بحضور آخرين ولا نكير، وهم لا يقارّون على بدعة، وأقل أحواله أن يسأل فيقول: لماذا اغسلتَ؟ لكنه قد صار عندهم الغسل معلوماً، فلا استفهام ولا نكير.
  ثم قال الشوكاني: «والثالث: ما ورد في المذي من الأمر بغسل الفرجين والأنثيين