الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

(نجاسة مني الإنسان)

صفحة 133 - الجزء 1

  ويجاب عنه أنه إثبات لنجاسة المني بقياس؛ لأنهما متغايران» اهـ كلامه.

  أقول: معنى كلامه أن الإمام حكم بنجاسة المني بالقياس. اهـ أقول: ليس كما زعمت يا شوكاني بل الإمام حكم بنجاسة المني بالنص النبوي وهو حديث عمار |.

  ثم قال الشوكاني: «على أنه يمكن أن يكون التغليظ في المذي إما لكونه يخرج غالباً مختلطاً بالبول أو لأنه ليس بأصل للنسل» اهـ كلامه.

  أقول: العلة المرتجلة هي التي لم تكن عن النبي ÷ بنصٍّ، ولا بتنبيه نص، ولا إشارة لا تقبل ولا يطمئن إليها أصحابها، ولهذا قال بعدها: «أو لأنه» أي المذي «ليس بأصل للنسل» اهـ.

  وهذه العبارة الأخيرة أوردها الجلال، ونقلها القاضي ولم يعزها، وهو أيضاً تعليل عليل؛ لأن الشيء إذا كان طاهراً لا يلزم أن يكون أصله طاهراً، فالخل طاهر وأصله نجس، والخمر نجس وأصله مجموع أشياء طاهرة، فلا يلزم من طهارة الإنسان طهارة المني، ثم إن الطهارة معللة بالمسلم لا غيره.

  نعم: يظهر من نسق كلام الشوكاني حيث قال أولاً: «ليس بأصل للنسل، ويلزم أنه يطهر بالنضح» اهـ.

  أقول: يوهم أنه ينضح في المذي، وبهذا نقض ما قد أبرم من محاولته الفك بين المني والمذي بعد أن اعتمد واجتهد في إفراده بحكم النجاسة، واحتج له بقوله: «يكفيك أن تأخذ كفاً من ماء».

  وهو مخالف ما نقله الجلال من الاتفاق على نجاسة المذي والودي إذ قال في «ضوء النهار» ج ١، ص ٨٨ ما لفظه: وأما المذِيُّ والوَدِيُّ فنجسان اتفاقاً. اهـ المراد.

  قال الشوكاني: «ثم أجاب المصنف عن حديث أمره ÷ لعائشة بفرك المني بأن المراد به الفرك قبل الغسل لا مجرد الفرك فقط وهذا خلاف ماتقتضيه المقابلة⁣(⁣١) للفرك


(١) لأن المقابلة تقتضي إمّا غسلاً وإمّا فَرْكاً.