الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

نجاسة الخنزير

صفحة 139 - الجزء 1

  فهاهنا لا يصح الحكم بالعطاء والضرب إلا المقصود.

  والمقصود عند المتكلم هو المضاف.

  وإنما جئت بالمضاف إليه لتعريف المضاف؛ لأنه في حيّز التنكير أما في نحو: {أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ} فالحكم صالح للأول وصالح للثاني (المضاف إليه).

  وعود الضمير هنا إلى المضاف إليه كعوده إلى المضاف إليه في قوله سبحانه: {فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا}⁣[النحل: ٢٩].

  فالخلود في المضاف إليه (وهي جهنم) لا في الأبواب.

  فيكون الأرجح ما ذهب إليه الإمام # من أن الضمير يعود إلى الخنزير، ويقتضي تحريم كل جزء من أجزائه.

  ثم قال الشوكاني: «فتقرر بهذا أن أرجح الوجوه رجوع الضمير إلى المضاف وهو لحم فتكون الآية نصاً فيه، فلا تتم دعوى كونه نجساً جميعاً إلا بالقياس لسائر الأجزاء على اللحم وهو لا يتم إلا على فرض أنها مستوية، وأن اللحم أغلظ من سائر الأجزاء» اهـ كلامه.

  أقول: أولاً قال: «إن أرجح الوجوه عود الضمير إلى المضاف» اهـ. ولم يُبْرِزْ وَجْهَ الرجحان.

  وقد نقلنا لك عن القاضي ناصر الدين البيضاوي المعروف بإمامته في العربية والأصول: أن المراد: الخنزير أو لحمه.

  ثم بيّنا لك رجحان العَوْد على المضاف إليه وجئنا بآية من كتاب الله.

  وبعد تفريعه المهزوم قال ما معناه: «لا يصح إلا إذا كان إلحاق غير اللحم بالقياس» اهـ.

  ثم اضطرب كلامه: هل الباقي من الخنزير أغلظ أو أخف؟!

  والكل هذرمة لا طائل تحتها، وهو غير مسبوق إليها وقد بينا أن جميع أجزاء الخنزير ينتظمها الحكم بالنص المحْكَم.

  وفي «البحر» ج ١ ص ١٢ ما لفظه: الأكثر - يعني أكثر العلماء - على نجاسته كاملاً فلا يُنْتَفع بشعره؛ لقوله تعالى: {فَإِنَّهُ رِجْسٌ}⁣[الأنعام: ١٤٥]. اهـ المراد.