الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

(نجاسة الخمر)

صفحة 142 - الجزء 1

  جميعاً من أعمال الجاهلية وأهل الشرك، فوجب اجتنابه بأسره، وكأنه لا فرق بين من عبد صنماً أو أشرك بالله في علم الغيب وبين من شرب خمراً أو قامَرَ. اهـ المراد.

  الآن ظهر لك الضمير إلى أين يعود؟ من قوله سبحانه {فَاجْتَنِبُوهُ} وفي {فَإِنَّهُ رِجْسٌ}.

  خذها من عين صافية، ومن عالم لا يُدَافَعُ، ومتفنن لا يُنَازَعُ، وفي تفسير آية البقرة: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ}⁣[البقرة: ٢١٩] أورد أثرين:

  أحدهما: عن أمير المؤمنين علي #، قال في ج ١ من الكشاف ما لفظه: وعن علي ¥: (لو وقعت قطرة في بئر فبنيت مكانها منارة لم أؤذن عليها، ولو وقعت في بحر ثم جف ونبت فيه الكلأ لم أرعه).

  وعن ابن عمر: (لو أدخلت أصبعي فيه - يعني في الخمر - لم تتبعني - يعني لقطعتُها) اهـ.

  ثم قال جار الله: وهذا هو الإيمان حقاً، وهم الذين اتقوا الله حق تقاته. اهـ المراد.

  أما الأحاديث من المصطفى ÷ في التحذيرمنها ولعنها ولعن شاربها وبائعها، وأنه كعابد وثن، وأنه يُنزع منه الإيمان حين يشربها، وغير ذلك من المضار، فقد أورد العالم عبد العظيم المنذري في «الترغيب والترهيب» أكثر من خمسين حديثاً.

  فبالله عليك، هل يجوز توهين جانب رجسيتها وخُبْثها، وأن رجسيتها كرجسية ما بجانبها، تشجيعاً للشطار من الشباب على ممارستها وتسهيلاً لخطرها؟! هل هذا أرضى لله، ومقام من سلك مسلكه؟! صدق القائل: (إِنَّ مِنَ الِعِلْمِ لَجَهْلاً)، نَعُوذ بالله من الجدل المبتذل.

  فهو لا يُرضي الله ولا رسوله، ولا ينفع المؤمنين، على أنه ÷ قد حرم ثمنها، وأريقت خمر الأيتام وفيه إتلاف مال، ومنع التداوي بها فقال: «إنها داء وليست بدواء».

  نعوذ بالله من سُبَات العقول وقبح الزلل وبه نستعين.

  هذا ما يجب اتّباعه على كل مؤمن، ويعلم أنها رجس، ودع عنك زخرف القول.

  قال صاحب «البحر» ج ١ ص ١٠ ما لفظه: ولأنه مائع محرم فأشبهَ البولَ. اهـ المراد.