الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

تتمة لبحث الذبائح

صفحة 159 - الجزء 1

  نعم إذا لم يصلح «إيتاء الكتاب» علّة في الأصل فكيف يكون علة في الفرع المقيس عليه مع أن الكتاب غير الكتاب، والأحكام في الفروع مختلفة، ولو قال المسلم: «كلمة الكفر» قُتِلَ، واليهودي أو النصراني عندما يقول {عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ}⁣[التوبة: ٣٠] أو {الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ}⁣[التوبة: ٣٠] لا يُقتل؛ لأن الإسلام قد رضي منه بالجزية.

  ولو صح الاستواء لما كان للعرب إلا الإسلام أو السيف، وستفرض عليهم الجزية لأنهم أهل كتاب، وهكذا يا سيدي الشرفي⁣(⁣١).

  ثم لا يخفاك أن حل ذبائح الكفر للمسلمين في هذا العصر غير وارد؛ لأنهم لم يعودوا يذبحون ذبحاً ولا نحراً.

  إضافة إلى ما فيه من مفسدة جَرّ الولاء والصداقة التي حرّمها الله تعالى والتي جرّت علينا أفظع المصائب وأكبر النوائب، وفيها أيضاً تنمية لاقتصادهم ودعم لقوتهم، ولنا في ذبائح المسلمين مندوحة.

  وكان للإمام # مندوحة⁣(⁣٢) لما ذهب إليه الإمامان الأعظمان القاسم بن إبراهيم والهادي إلى الحق @ (حليفا التوفيق).

  والله المستعان وهو من وراء القصد.

  وقريب من هذه الكارثة كارثة نكاح الكتابية حربية أو ذمية فهي وإن كانت حِلّاً عند أكثر العلماء فالأمر الآن يختلف عن صدر الإسلام، ففي صدر الإسلام كانت قوة الإسلام ظاهرة، وأوامره وقوانينه قاهرة: إذا تزوج المسلم بكتابية ثم افترقا سيأخذ الوالد ولده فينشأ على الإسلام، أما الآن فلا حَظَّ له - إن افترقا - في ولده ابناً كان أو بنتاً؛ لأن حكم الكفر أغلب وسيتربّى في أحضان أمّه الكافرة وأخواله الكفرة على البغض لمحمد ÷ وسيتربى مع المكفرين له والمنكرين لوجود الله.


(١) لقب يطلق على من اسمه الحسين.

(٢) في شأن ذبائح أهل الكتاب.