التيمم
  وهل يجوز العدول إلى قياس مع استقلال كل واحد بنص؟!
  ثم قال: «ويؤيده» يعني يؤيد أن السفر علة مستقلة برأسه «أن الأحاديث في التيمم قد وردت مطلقة ومقيدة بالحضر». اهـ كلامه.
  أقول: نعم كيف يخضع للقيد من الحديث وهو يدخله الاحتمال ولا يتقيد بأي قيد وارد في آية محكمة، ثم إذا قد وردت مطلقة ومقيدة فالواجب حمل المطلق على المقيد، والعمل بالمقيد أخذاً بالأحوط.
  ثم قال: «فإن قلت: ما المعتبر في تسويع التيمم للمقيم؟ هل هو عدم الوجود عند إرادة الصلاة كما هو الظاهر من الآية أم عدم الوجود مع طلب مخصوص؟» ... إلى أن قال: «الحق أن المعتبر هو ما يصدق عليه مفهوم عدم الوجوب المقيد بالقيام إلى الصلاة فإذا دخل الوقت المضروب للصلاة وأراد المصلي القيام إليها فلم يجد حينئذ ماء يتوضأ به أو يغتسل في منزله وما يقرب منهما كان ذلك عذراً مسوغاً للتيمم». اهـ كلامه.
  أقول: هو كلام غث، وفيه ملاحظة أولاً نحوية: وهي أنه قابل «هل هو عدم» بأم، وأم لا تأتي إلا بعد همزة التسوية.
  {أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ}[البقرة: ١٤٠] و {سَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ}[يس: ١٠] و (ما أبالي قمت أم قعدت). اهـ.
  وكم من هذا مما يدل على الإفلاس!
  ثم إن بحثه جُفَاءٌ؛ لأنه يُبيح التيمم مثلاً لمن منزله جوار الزمر ولا ماء في بيته ولا في مسجد الزمر - مثلاً - وليس عليه أن يذهب إلى مُعَمَّر ولا أي مسجد ليتوضأ وهذا لا يستحق تعليقاً فهو كسابقه غثاء كغثاء السيل.
  ثم انظر: لو كان على المكفّر عتق رقبة حتماً وهو واجد لثمنها وهي على بُعْدِ نصف ميل منه، وعدل إلى الصوم هل هو معذور عند الله أو غير معذور عند الله وعند الخلق؟! إذ كان الواجب عليه السؤال والسير إلى سوق الرقيق؛ لأن الصوم مشروط بقوله تعالى: {فَمَن لَّمْ يَجِدْ} وعلى هذا الإجماع.