التيمم
  فقول الشوكاني: «إلا أن يمنع مانع». اهـ. يعني من عود القيد إلى الجميع هاهنا مانع وهو عدم الرخصة لواجد الماء.
  وعليه جمهور العلماء، فلا وجه للتلبيس في واضح بيِّن.
  ثم قال: «وأما من قال: إنه يكون قيداً للجميع إلا أن يمنع مانع فكذلك أيضاً؛ لأنه قد وجد المانع هاهنا من تقييد السفر والمرض بعدم الوجود للماء وهو أن كل واحد منهما عذر مستقل». اهـ كلامه.
  أقول: يعني حتى لو كان القيد وهو قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاء} قيداً للكل ويكون مقصوداً بعد كل جملة؛ (وإن كنتم على سفر ولم تجدوا ماء أو كنتم مرضى ولم تجدوا ماء) فإن الحكم عند الشوكاني لا يختلف.
  لا قوة إلا بالله! ما هذا الجهل والجرأة على الله؟!
  لأنه لا يعمل بالقيد ولو صُرِّح به وكان قيداً للجميع.
  وما هو الموجب لإهدار القيد، وصح كونه قيداً للجميع وهو عبارة عن قيد لما قبله؛ لأنه سيفسد المعنى «وإن كنتم على سفر غير واجدي ماء» «وإن كنتم مرضى غير واجدي ماء»، والإجماع قائم أنه إذا جاء الكلام مقيداً بقيد فإنه ينصبّ على القيد، ألا ترى إلى قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً}[ص: ٢٧] انصبّ النفي على القيد وهو {بَاطِلاً} وإلا كان كفراً، «لا تعبد الله مشركاً» انصبّ النهي على «مشركاً» وإلا كان نهياً عن العبادة، هذا في النهي، وسواء كان للنفي المقيد بالحال أو لنفي المقيد بالحال وكذا الأمر «أَكْرِمْ مَنْ دَخَلَ ضَاحِكاً» و «احْبِسْ مَنْ جَاءَكَ ظَالِماً» ... إلخ، وكذا الاستفهام والشرط.
  فالشوكاني في هذا قد جهل جهلاً فاحشاً.
  ثم قال دعماً لقوله: «إن الأعذار ثلاثة مستقلة بنفسها: [إنه قد جاء كل واحد منها - يعني من السفر والمرض وعدم الماء - في غير هذا الباب كالصوم». اهـ كلامه.
  يعني أن الشوكاني يريد أن يعول على باب القياس، وحيث إن السفر علة مستقلة للفطر والقصر في الصلاة، فيبقى السفر علة مستقلة للتيمم، ويتيمم واجد الماء.