الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

(لا اعتبار بلون الدم عند الالتباس)

صفحة 195 - الجزء 1

(لا اعتبار بلون الدم عند الالتباس)

  قال الشوكاني: «قوله: دل الخبران على أنه لا اعتبار بلون الدم عند الالتباس بل يجب الرجوع إلى العادة إلى أن قال: فتعارضا وتساقطا، أقول: لا تعارض ولا تساقط؛ لأنه يصح أن يكون للشيء الواحد أسباب متعددة فضلاً عن سببين، فرفع التباس دم الحيض بدم الاستحاضة جَعَل له الشارع سببين: أحدهما: لون الدم وقد قدمنا ما في ذلك من الأحاديث، والثاني: الرجوع إلى العادة كما في حديث: «دعي الصلاة أيام أقرائك»». اهـ كلامه.

  أقول: انظر إلى تعليق الشوكاني على قول الإمام: (أقل الحيض وأكثره)، وحديث: «تحيض الجارية لثلاث» كيف أبى هناك أن يُعْتبر أي علامة على أن الدم للحيض إلا اللون؟!

  وهاهنا يعيد الكرة ويقول: «لم يثبت من شرع ولا عقل». اهـ. والحديث عنده في «الشفاء» عن النبي ÷ من رواية معاذ بن جبل: «أقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة أيام»، وأن المعول عليه هو لون الدم لا غير، وهاهنا يقول: «يصح أن يكون للشيء الواحد أسباب متعددة فضلاً عن سببين ... إلى قوله: والثاني الرجوع إلى العادة». اهـ.

  والآن يعترف أن العادة مما يجب الرجوع إليها، وأنها ثابتة شرعاً ومعمول بها.

  ثم إن قول الشوكاني: «يصح أن يكون للشيء الواحد أسباب متعددة فضلاً عن سببين». اهـ. تهافت؛ لأن لون الدم ليس سبباً؛ لأنه يلزم من وجوده العدم، والذي يلزم من وجوده العدم هو المانع⁣(⁣١)

  وأما قوله: «يكون للشيء أسباب فضلاً عن سببين». اهـ. فالواقع أنه لا يفرق بين


(١) لا السبب. تمت شيخنا.