وجوب طهارة مكان المصلي
  وَجْهَكَ}[البقرة: ١٤٩] وليس هناك شرط ولا نهي ولا نفي، لو صلى عالماً إلى غير القبلة أكانت صلاته صحيحة؟
  وقد حكى ابن رشد(١) القرطبي إجماع المسلمين كافة على شرطية القبلة عند إمكانها فقد توقف على استقبال القبلة تأثير المؤثِّر بدون ما شرطه الشوكاني، ولا نهي؛ لأن الفعل الصحيح - سواء قلنا: هو ما وافق أمر الشارع، كما يقوله أهل الأصول، أو قلنا: هو ما يُسْقِط القضاء كما يقوله الفقهاء - هو الذي يستحق القبول.
  وغيره فاسد سواء كان بأمر أو نهي أو شرط.
  فتثريبه على الإمام أحمد بن يحيى المرتضى غير وجيه.
  وهو يعلم مكانته في كل فن، وقد نظم الأصول من أوله إلى آخره في ألف بيت وسماه «المعيار» وهو مؤلف في كل فن وقد أفاد الناسُ من كتبه واستفادوا، فلا داعي لهَضْمِ مَن رَفَعَ الله مكانته.
  وفي «شرح السنة» للبغوي ج ٢ ص ١٠٠ ما لفظه: عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله ÷ في المسجد، ومعه أصحابه، إذ جاء أعرابي فبال في المسجد، فقال أصحاب رسول الله ÷: مَه مه، فقال ÷: «لا تُزْرِمُوه»(٢) ثم دعاه فقال: «إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من القذر والبول والخلا(٣)، وإنما هي لقراءة القرآن وذكر الله والصلاة»، ثم دعا رسول الله ÷ بدلو ماء سَنَّه(٤) عليه.
  قال: حديث صحيح أخرجه مسلم. اهـ المراد.
  وفي «المغني» لابن قدامة ج ٢ ص ٢٩١ ما لفظه: (فصل) وطهارة موضع الصلاة شرط
(١) قال ابن رشد القرطبي في «بداية المجتهد المقتصد» ما لفظه: الباب الثالث في القبلة اتفق المسلمون على أن التوجه نحو البيت شرط من شروط صحة الصلاة لقوله تعالى: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}.
(٢) لا تزرموه: من الإزرام: لا تقطعوا عليه بوله.
(٣) الخلا بدون همزة: الاستخلاء في المكان للتأذي. تمت شيخنا.
(٤) سنّه: صبّه قليلاً قليلاً. وروي: فشنه عليه.