الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

وجوب طهارة مكان المصلي

صفحة 228 - الجزء 1

  مطلوبه؛ لأن الشرطية التي يؤثر عدمها في عدم المشروط - كما قرره أهل الأصول - لا يصلح للدلالة عليها إلا ما كان يفيد ذلك مثل نفي القبول أو نحو «لا صلاة لمن صلى في مكان متنجس» أو النهي عن الصلاة في المكان المتنجس لدلالة النهي على الفساد وأما مجرد الأمر فلا يصلح لإثبات الشرط» ا هـ كلامه.

  أقول: إن مجرد الأمر بلفظ: (افعل) لا يدل على شرطية ما تناوله، فلا يقتضي الفساد، وهو إغراق في الجهل.

  ألا ترى إلى قول المصطفى ÷ للمسيء صلاته: «إذا قمت إلى الصلاة فكبر»؟!

  نعم: المراد بالشرط هو ما يؤثر عدمه في عدم المشروط.

  وقد زعم أنه لا يتأتى بمجرد الأمر وإنما بما يفيد الشرط أو بنحو: (لا صلاة).

  ثم قال: «كما قرره أهل الأصول» اهـ كلامه.

  أقول: اعلم أن الشروط ثلاثة: شرط وجوب، وشرط صحة، وشرط أداء ومحل بحثنا هو الثاني، وقد حَدّه بعض علماء الأصول بأنه: (ما يلزم من عدمه العدم).

  وهو حد فيه استدراك؛ لأنه لا يلزم من عدمه عَدمُ الفعل الذي قد فُعِلَ فإنه قد وجد وتحقق، وإنما يلزم من عدمه الصحة عند الأصوليين أوعدم سقوط القضاء عند الفقهاء، ولهذا حدَّه بعض حذَّاق الأصوليين بقولهم: (ما يتوقف عليه تأثير المؤثِّر لا وجوده).

  وهو من الجَوْدة بمكان.

  ثم إن كون الشيء شرطاً لا يتوقف ما يفيده على نهي - كما زعم الشوكاني - وأنه لا يتأتى بالأمر.

  ألا ترى إلى قوله: «اغسلي عنك الدم وصلي» لو صلّتْ بدون غَسْل الدم أكانت صلاتها صحيحة؟: لا، ولو صلى رجل وعلى ثوبه نجاسة مجمع عليها وهو عالم بها ولا عذر له، أصلاته صحيحة؟ وقوله سبحانه: {فَوَلُّوا وُجُوِهَكُمْ}⁣[البقرة: ١٤٤]، {فَوَلِّ