الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

كراهة النفل بين أذان المغرب وإقامته

صفحة 248 - الجزء 1

  وفي «الجوهر النقي» ج ٢ ص ٤٧٥ ما لفظه: عن ابن بريدة قال: قال ÷: «إن عند كل أذانين ركعتين ما خلا المغرب» قلت: أخرج البزار هذا الحديث ثم قال: حيان رجل من أهل البصرة ليس به بأس، وقال فيه أبو حاتم: صدوق وذكره ابن حبان في الثقات من أتباع التابعين، وأخرج له الحاكم في أبواب الزنا حديثاً، وصحح إسناده، فهذه زيادة من ثقة، فيحمل على أن لابن بريدة فيه سندين: سمعه من ابن مغفل بغير تلك الزيادة، وسمعه من أبيه بالزيادة. اهـ المراد.

  وأقول: إن قولهم: إن حديث ابن عمر على نفي؛ لأنه ردّ للحديث بلا علة، وكيف يجوز ردّه وهو في كل فريضة في مسجد رسول الله ÷، ولو فرضنا أنه كان ضريراً لقبلت شهادته لأن مثل هذا - مع مرور الأيام - لا يخفى.

  وقد تقدم بحث نظير هذا، وأن مثل هذا يكون على إثبات وإن جاء بصيغة النفي؛ لأن معناه: (كانوا يصلون الفريضة ويقيمون لها عقب الأذان) فهذا صالح لبعض العموم.

  ومما يؤيد حديث «إلا المغرب» ويقويه ما جاء في «الأحاديث المختارة» للضياء المقدسي ج ٤ ص ٣٨٣: روى بإسناده إلى العباس قال: قال النبي ÷: «لا تزال أمتي على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب إلى اشتباك النجوم» اهـ.

  ثم قال: رواه محمد بن يحيى بن أبي سَمينة عن عوام بن عباد بن العوام، حدثنا عن قتادة، عن الحسن، ورواه ابن ماجة عن محمد بن يحيى الذهلي، عن إبراهيم بن موسى⁣(⁣١)،


= صليت الركعتين قبل المغرب على عهد رسول الله ÷ قال: قلت لأنس: أرآكم رسول الله؟ قال: نعم، فلم يأمرنا ولم ينهنا، فلو كان قد أمر بها لما قال له: لم يأمرنا ولم ينهنا، بل إن أنساً قصد الصلاة حيث إن الصلاة خير موضوع في أي وقت، مع أنه لو كان حديثاً صحيحاً لعمل به الصحابة ولكن لم يعملوا به لما رواه طاوس عن ابن عمر أنه سئل عن الركعتين قبل المغرب فقال: ما رأيت أحداً على عهد رسول الله يصليهما، وأضف إلى ذلك أنه لم يرد حديث لا صحيح ولا ضعيف بأن النبي ÷ صلى ركعتين قبل المغرب لا في بيته ولا في المسجد، قد يقول قائل: إن القول أقوى في الحجية من الفعل؟ فنقول: إن فعل النبي لأداء صلاة المغرب عند سقوط الشمس أو عند إفطار الصائم أو عند غياب الشمس هو بيان للوقت في الوقت الذي علمه جبريل # فالفعل البياني أقوى من القول مع أنه يلاحظ أن التبكير لأداء صلاة المغرب غرض مقصود للشارع. اهـ المراد.

(١) قال محقق «الأحاديث المختارة» عبد الملك دهيش ص ٣٨٣ ج ٤: وقال البوصيري في «الزوائد»: إسناده حسن، ورواه الحاكم في «المستدرك» ١/ ١٩١ عن أبي بكر بن إسحاق الفقيه أنبأنا الحسين بن علي بن زياد، حدثنا إبراهيم بن موسى الفراء به، بمثله وصححه، وأقره الذهبي. اهـ المراد.