الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

تسبيح الركوع والسجود

صفحة 280 - الجزء 1

  ولا شك أن من قال: (سبحان الله) أو (سبحان ربي) فقد قضى حق الآية، وجعل العلماء قوله تعالى: {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى}⁣[الأعلى: ١٥] أنها تكبيرة الإحرام، ومنهم مالك، مع أنهم يقولون: (الله أكبر) لا (ربي أكبر)؛ لأن الاسم الحقيقي هو (الله) فهو الاسم المبارَك، الذي ليس فيه بمشارَك، وسائر الأسماء إنما هي صفات، والذي يظهر أن الرحمن اسم علم على الذات كالله، لأن أشياء قد أضيفت إليه كما أضيفت إلى الله في كتاب الله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ}⁣[الإسراء: ١١٠] {وَقَالُوا لَوْ شَاء الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُم}⁣[الزُّخرُف: ٢٠] {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا}⁣[مريم: ٨٨]، {قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ}⁣[المُلك: ٢٩] وغيرها كثير؛ ولهذا خَطَّأ بعضهم جار الله في تفسير الفاتحة في قوله: (إنه قدم الأعلى - الله - على الأدنى - الرحمن -) وجعلوا إعراب الرحمن في ، بدلاً من (الله) وجعلوا (الرحيم) نعتاً للرحمن؛ إذ لا يفصل بين الصفة وبين موصوفها، وهذا كله في «مغني اللبيب» ولا يحضرني نصه والله أعلم، ثم لقيت نصه في «مغني اللبيب» ج ٢ ص ٤٦١ في بحث الفرق بين الحال والتمييز ولفظه: ولذلك كان خطأ قول بعضهم:

  تبارك رحماناً رحيماً وموئلاً

  إنهما - أي رحماناً رحيماً - تمييزان، والصواب أن (رحماناً) بإضمار (أخص) أو (أمدح) و (رحيماً) حال لا نعت له؛ لأن الحق قول الأعلم - الشنتمري - وابن مالك: إن (الرحمن) ليس بصفة، بل علم، وبهذا يبطل أيضاً كونه تمييزاً، وأما قول الزمخشري: (إذا قلت: اللَّهُ رحمان، أتصرفه أم لا؟) وقول ابن الحاجب في صرفه فخارج عن كلام العرب من وجهين: لأنه لم يستعمل صفة ولا مجرداً من الألف واللام ... إلى آخر ما هنالك. اهـ المراد.

  ثم إن استعمال (سائر) في قول الشوكاني: «نقلوا إلينا سائر الأحكام الشرعية» اهـ. غير صحيح؛ لأن (سائر) لا يستعمل إلا في البقية، كما تقول: (وقد قال بهذا فلان وفلان وسائر العلماء)، ولا تقل: (قال به سائر العلماء) تعني به: كلَّهم، فهو خروج عن الاستعمال الصحيح.