[نظريتان من القرآن]
  وقد أقام الشوكاني الدنيا وأقعدها، وضيَّق أمراً فيه سعة، في مسنون لا تبطل الصلاة حتى بتركه، فالمسألة ظنية والتسبيح في أصله مستحب.
  وفي «سنن الدارقطني» ج ١ ص ٣١٣: بسنده إلى عبيد الله بن أبي أوفى قال: جاء رجل إلى النبي ÷ فذكر أنه لا يستطيع أن يأخذ من القرآن شيئاً، وقال ابن عيينة: فقال: يا رسول الله علمني شيئاً يجزيني من القرآن فإني لا أقرأ، قال: «قل: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله»، قال: فضم عليها بيده، وقال: هذا لربي، فما لي؟ قال: قل: «اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني وعافني» فضم بيده الأخرى، وقام»(١).
  فهذا يدفع لغط الشوكاني.
[نظريتان من القرآن]
  أولاهما: تجد في كتاب الله سبحانه في دعوة الرسل أقوامهم: حيناً يقولون: {يَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ}[إبراهيم: ١٠] وحيناً {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}[الصف: ١٢] بدون «مِنْ»، وهاهنا ملاحظة تدل على علو مقام خير خلق الله وفضل أمته: وهي أن «مِنْ» لم ترد إلا في دعوة غير محمد ÷ للإنس، كما في سورة الصف {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} ووردت في قصة الجن {يَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ} وفي كل دعوة لغير أمة محمد ÷ يقول: {يَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ} وهذا تكريم من الله سبحانه لخاتم أنبيائه ولمن اتبعه وآمن به.
  وحين خفيت هذه على النحاة جعلوها دليلاً على جواز زيادة «مِنْ» في الإثبات، وليست بزائدة؛ لأن مقام محمد ÷ وأمته غير مقام غيره من الرسل مع أممهم.
(١) قال في «التعليق المغني على سنن الدارقطني» بعد ذكر الحديث: حديث عبد الله بن أبي أوفى أخرجه أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن الجارود، وابن حبان، والحاكم، وفيه إبراهيم بن عبد الرحمن السكسكي وهو من رجال البخاري، قال ابن القطان: ضعفه قوم فلم يأتوا بحجة، وقال ابن عدي: لم أجد له حديثاً منكر المتن، وأيضاً لم ينفرد إبراهيم بالحديث فقد رواه الطبراني وابن حبان في «صحيحه» أيضاً من طريق طلحة بن مصرف عن ابن أبي أوفى. اهـ المراد.