الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

عدم جواز رفع اليدين في الصلاة

صفحة 297 - الجزء 1

  اللفظ أو من الإرادة، وأن المتكلم لم يقصد إدخاله في الحكم، وصيغ العموم معروفة.

  (لماذا التخصيص)

  أوجب التخصيص: التعارض بين منطوق الخاص وبعض مدلول العام فحين تعارضا أخرجنا بعض مدلول العام من الحكم، وحكمنا بالخاص فيما تناوله، وبالعام فيما بقي.

  واتفاق الأصوليين أنه لا تعارض بين قطعيين، ولا بين قطعي وظني، ولا بين قطعي وقياس؛ لوجوب اطّراح الظني والقياس، ولا بين فعل وفعل، ولا بين فعل وقول؛ لأن من شرط التخصيص العموم، والفعلُ لا ظاهر له ولا عموم له، والذي بين أيدينا هوفعل: وهو «أنه كان يرفع يديه» وقول: وهو: «ما لي أراكم رافعي أيديكم»⁣(⁣١)، فرفع اليدين واحد لا يتعدد، والتخصيص لا يدخل في واحد لا يتعدد وإنما المتأخر يكون ناسخاً له.

  وإذا عرفت هذا عرفت أن الأمر على الشوكاني قد التبس، وأنه يمشي في الظلام بلا قَبَس.

  وقد ادعى أنه يمكن تخصيص حديث جابر بن سمرة «مالي أراكم رافعي أيديكم» يخصَّص بحديث «رفع اليدين عند الافتتاح والركوع والسجود والقيام من التشهد الأوسط»!.

  وهذا من غرائب الاستدلال؛ لأن المخصص عادة يكون أقل تناولًا من المخصَّص، وهنا المخصِّص أعمّ؛ لأنه في الافتتاح كما ترى والركوع والقيام وغيره، وإذا تأملت في الحديثين فلا يمكن إلا النسخ؛ لعدم صلاحية التخصيص.

  ثم إن قوله ÷: «رافعي أيديكم» ناهياً عن ذلك في الصلاة يقتضي أنهم كانوا يفعلون شيئاً في الصلاة راكعين أو قائمين.

  أما رفعهما عند السلام فليسوا رافعين لها في الصلاة، وهذا هو ما حمل أكثر العترة على القول بنسخ الرفع داخل الصلاة، وأن الحديث فيه ومتناول له.


(١) التجريد، الأحكام، المنتخب، الشفاء، مسلم، والنسائي، والطبراني في الكبير، والبيهقي.