الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

الكلام في الصلاة سهوا يبطلها

صفحة 309 - الجزء 1

  يحدث من أمره ما يشاء وقد أحدث ألا تتكلموا».

  والفعل في سياق النفي أو في سياق النهي أو الشرط يعمّ عموم الجنس وعموم النكرة المنفية بلام نفي الجنس، فإذا قلت: (لا تأكل) كان نهياً للأكل من حيث هو، أو قلت: (إن أكلت فأنت طالق) طلقت بأي أكل، وقد حقق هذا العضد وسعد الدين في حاشية على «مختصر المنتهى»، في بحث {لاَ يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ}⁣[الحشر: ٢٠] وهو في الجزء الثاني من «شرح عضد الملة والدين على مختصر المنتهى لابن الحاجب»، فالنهي هنا بمنزلة المنطوق؛ لصراحة العموم ووضوحه، ولهذا لا يصح: (لا رجل في الدار بل رجلان)؛ للتنافي.

  فقول الشوكاني: «لا أعلم دليلاً على فساد صلاة المتكلم الساهي» اهـ. غير سديد؛ لأن المنفي هو الكلام.

  ولا شك أنه يعمّ كلام العامد والساهي.

  ثم إن قوله: «كلام الساهي أنه في الصلاة لا من تكلم ساهياً» مردود ومخالف للقواعد العربية؛ لأنّ (ساهياً) و (عامداً) كلاهما حال من الفاعل، فهما قيد للعامل، كما تقرر أن الحال قيد للعامل فيها⁣(⁣١).

  وقوله: (في الصلاة) قيد ثانٍ، كما إذا قلت: (قتلته عمداً أو خطأ في الدار) فـ (عمداً أو خطأ) حالان وقيدان للعامل فيها والظرف قيد ثانٍ.

  والخلاصة أن الحال قيد للعامل فيها، فمعنى (تكلم ساهياً): (تكلم حال سهوه)، والظرف قيد ثانٍ، وما نقول لهذا الجهل المركب إلا كما قال سعد الدين في مقدمة «المطول»: «إن الذي لا يَعْرِف الفقهَ قد ألَّفَ فيه» اهـ. ثم إن النبي ÷ تكلم وهو خارج الصلاة، فهو قد خرج منها عمداً عن سهو في عدد الركعات؛ إذ ظنها تامة، فالسهو في (كم صلى؟) لا في خروجه، ولهذا حينما قيل له ~ وآله: «أقصرتِ الصلاةُ أم نسيتَ؟، قال: كل ذلك لم يكن»، فالسهو في أعداد الركعات، وأما خروجه فلم يشك أنه


(١) فإذا قلت: ضربت زيداً قائماً، فمعناه (في حال قيامه). تمت شيخنا.