الكلام في الصلاة سهوا يبطلها
  يحدث من أمره ما يشاء وقد أحدث ألا تتكلموا».
  والفعل في سياق النفي أو في سياق النهي أو الشرط يعمّ عموم الجنس وعموم النكرة المنفية بلام نفي الجنس، فإذا قلت: (لا تأكل) كان نهياً للأكل من حيث هو، أو قلت: (إن أكلت فأنت طالق) طلقت بأي أكل، وقد حقق هذا العضد وسعد الدين في حاشية على «مختصر المنتهى»، في بحث {لاَ يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ}[الحشر: ٢٠] وهو في الجزء الثاني من «شرح عضد الملة والدين على مختصر المنتهى لابن الحاجب»، فالنهي هنا بمنزلة المنطوق؛ لصراحة العموم ووضوحه، ولهذا لا يصح: (لا رجل في الدار بل رجلان)؛ للتنافي.
  فقول الشوكاني: «لا أعلم دليلاً على فساد صلاة المتكلم الساهي» اهـ. غير سديد؛ لأن المنفي هو الكلام.
  ولا شك أنه يعمّ كلام العامد والساهي.
  ثم إن قوله: «كلام الساهي أنه في الصلاة لا من تكلم ساهياً» مردود ومخالف للقواعد العربية؛ لأنّ (ساهياً) و (عامداً) كلاهما حال من الفاعل، فهما قيد للعامل، كما تقرر أن الحال قيد للعامل فيها(١).
  وقوله: (في الصلاة) قيد ثانٍ، كما إذا قلت: (قتلته عمداً أو خطأ في الدار) فـ (عمداً أو خطأ) حالان وقيدان للعامل فيها والظرف قيد ثانٍ.
  والخلاصة أن الحال قيد للعامل فيها، فمعنى (تكلم ساهياً): (تكلم حال سهوه)، والظرف قيد ثانٍ، وما نقول لهذا الجهل المركب إلا كما قال سعد الدين في مقدمة «المطول»: «إن الذي لا يَعْرِف الفقهَ قد ألَّفَ فيه» اهـ. ثم إن النبي ÷ تكلم وهو خارج الصلاة، فهو قد خرج منها عمداً عن سهو في عدد الركعات؛ إذ ظنها تامة، فالسهو في (كم صلى؟) لا في خروجه، ولهذا حينما قيل له ~ وآله: «أقصرتِ الصلاةُ أم نسيتَ؟، قال: كل ذلك لم يكن»، فالسهو في أعداد الركعات، وأما خروجه فلم يشك أنه
(١) فإذا قلت: ضربت زيداً قائماً، فمعناه (في حال قيامه). تمت شيخنا.