الغرض من تأليف وبل الغمام
  أقول: من حقه أن يسمى «وبل الغُمام»(١) بضم الغين المعجمة مناسبة لما فيه من غُمام وأدران.
  ثم أورد بحثاً في صفحتين لينكر من خلاله حجية الإجماع.
  فقال في نهايته: «فما أُورده من حكايات الإجماع عن غيري في مؤلفاتي ليس الغرض به إلا مجرد الإلزام للقائل بحجية الإجماع فليعلم ذلك ... إلخ» اهـ كلامه.
  أقول: قد خالف الشوكاني ما أجمع عليه المسلمون من اعتبار الإجماع وحجيته وجعله قسماً مقابلاً للكتاب والسنة والقياس.
  اعلم أن الإجماع حجة - وخاصة إجماع أهل البيت - كما أن الكتاب حجة والسنة حجة، قال في «الكشاف» ج ١ ص ٣٨٦ عند تفسير قوله تعالى: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ}[النساء: ١١٥] ما لفظه:
  وهو السبيل الذي هم عليه من الدين الحنيفي القيم، وهو دليل على أن الإجماع حجة لا تجوز مخالفتها كما لا تجوز مخالفة الكتاب والسنة؛ لأن الله ø جمع بين اتّباع سبيل غير المؤمنين وبين مشاقة الرسول في الشرط(٢)، وجعل جزاءه الوعيد الشديد، فكان اتّباعهم واجباً كموالاة الرسول عليه وآله الصلاة والسلام. اهـ المراد.
  نعم: ولا تقل: (لا يستحق الجزاء إلا إذا كان قارناً بينهما؟)؛ لقيام الأدلة على أن مشاقة الرسول تستحق ذلك الجزاء، فكذلك ما قرن بها - وهو اتباع سبيل غير المؤمنين - فالوعيد على كل واحدة لا على المجموع.
  وأختم البحث بفائدة سنحت لي في كتاب الله تعالى:
  لا يخفاك أن من أسلوب الكتاب العزيز - أعاد الله علينا من بركاته - أن يقرن شيئاً معلومَ الحكمِ فيه بشيء آخر للحكم على الشيء الآخر لا على الأول؛ لأن الحكم على الأول
(١) قال في القاموس: الغمام بضم الغين الزكام، والمغموم المزكوم. اهـ.
(٢) الشرط هو: {وَمَن يُشَاقِقِ .... وَيَتَّبِعْ} حيث جاءت الجملتان شرطاً، وما بعد هو جواب لهما وجزاء في قوله تعالى: {نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى} فالجزاء لهما معاً. تمت شيخنا.