الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

المنع من صلاة المفترض خلف المتنفل

صفحة 329 - الجزء 1

  بهم الصلاة المكتوبة)، ذكره في (كتاب الأدب) ولأصحابنا عنه أجوبة استوفاها الشيخ تقي الدين في (شرح العمدة):

  أحدها: أن الاحتجاج به من باب ترك الإنكار من النبي ÷ وشرط ذلك علمه بالواقعة، وجاز ألا يكون علم بها، ويدل عليه ما رواه أحمد في (مسنده) عن معاذ بن رفاعة عن سليم رجل من بني سلمة أنه أتى النبي ÷ فقال: يا رسول الله إن معاذ بن جبل يأتينا بعدما ننام، ونكون في أعمالنا بالنهار فينادي بالصلاة فنخرج إليه فيطول علينا، فقال له عليه الصلاة والسلام: «يا معاذ لا تكن فتاناً، إما أن تصلي معي وإما أن تخفف عن قومك»، فدل على أنه كان يفعل أحد الأمرين ولم يكن يجمعهما؛ لأنه قال: «إما أن تصلي معي» أي: ولا تصل بقومك «وإما أن تخفف على قومك» أي: ولا تصل معي.

  الوجه الثاني: أن النية أمر باطن لا يُطلع عليها إلا بإخبار الناوي، ومن الجائز أن يكون معاذ كان يجعل صلاته معه عليه الصلاة والسلام بنية النفل ليتعلم سنة القراءة منه، وأفعال الصلاة، ثم يأتي قومه فيصلي بهم الفرض، ويؤيده أيضاً حديث أحمد المذكور.

  وقال ابن تيمية في (المنتقى): وقوله عليه الصلاة والسلام: «إما أن تصلي معي وإما أن تخفف عن قومك» ظاهر في منع اقتداء المفترض بالمتنفل؛ لأنه يدل على أنه متى صلى معه امتنعت إمامته، وبالإجماع لا تمتنع إمامته بصلاة المفترض بالمتنفل، فعلم أنه أراد به صلاة الفرض، وأن الذي كان يصليه معه كان ينويه نفلاً. اهـ المراد.

  وفي آخر بحثه في (نصب الراية) قرر أن قوله: «هي له تطوع ولهم فريضة» زيادة ليست من كلام النبي ÷ وإنما هي من الرواة، ونقلها عن الشافعي | ... إلى آخر ما هنالك. اهـ المراد.

  نعم: الدليل إذا طرقه الاحتمال، سقط به الاستدلال، فسقط كلام الشوكاني بهذا وهوى.

  ثم قال الشوكاني: «وحديث [لا تختلفوا على إمامكم] قد بيّنه ÷ بما سرده من الصور التي ذكرها بعد هذا النهي» اهـ كلامه، معنى كلامه هنا: «أن قوله ÷: «لا تختلفوا على إمامكم» قد جاء بعده بيان المراد، وهو قوله: «فإذا ركع فاركعوا وإذا كبر فكبروا وإذا