الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

شر صفوف النساء أولها

صفحة 334 - الجزء 1

  وفي (موارد الظمآن) ج ١، ص ١١٣ ما لفظه:

  عن أبي سعيد الخدري: «خير صفوف الرجل المقدم وشر صفوف الرجال المؤخر».

  ثم قال (أي النبي ÷): «يا معشر النساء إذا سجد الرجال فاخفضن أبصاركن عن عورات الرجال».

  فقال سفيان - وهو راوي الحديث -: قلت لعبد الله بن أبي بكر: ما يعني بذلك؟ قال: ضيق الإزار، اهـ المراد، فأي شر يا شوكاني في الصف الأول من صفوف الرجال، وهذه العلة مفقودة، وأي شر في آخر صفوف النساء، وصدق الله العظيم إذ يقول: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ٤٦}، كل من وقف على كلامه ÷ من شرّاح الحديث المذكور على سعة انتشاره لم أر أحداً ولغ في انتقادٍ أو تشكيكٍ أو إيرادٍ على الحديث النبوي المبارك غير مسلوب التوفيق، فقد تلقاه جميع العلماء بالقبول ووضعوه موضع العمامة من الرأس وفهمت النساء قصْدَ رسول الله ÷ بلا تشكيك ولا تلبيس، وأظن أن جُرْأته على آل بيت رسول الله ÷ جَرّته إلى الجرأة على كلام رسول الله الذي هو من وحي الله.

  وفي آخر بحثه ما هو أشنع من هذا وسيمرّ بك، ولا يستغرب من مثله.

  ثم قال: «فإن قيل: هاهنا قرينة تدل على عدم الاشتراك في الأصل وأن أفعل التفضيل لم ترد إلا لمجرد الدلالة على اختصاص أول الصفوف بالشرية وآخرها بالخيرية من دون مشاركة كما في قول حسان: (فشركما لخيركما الفداء) فيقال عليه: يلزم ألا تصح صلاة الصف الأول من النساء حيث إمامتهن امرأة، وإذا لم تصح فلا معنى للحديث؛ لأن الثناء على الصف الآخر يستلزمه أن يكون له أول وإلا لما كان آخر، (كذا) وقد حكم ببطلان صلاة الصف الأول فوجب تجنبه والكون في غيره وذلك الغير هو الصف الآخر، وإذا وجب تجنب الصف الأول وبطلت صلاة من صلى فيه من النساء لم يكن الآخر آخراً بل هو أول، ثم كذلك فلا يكون حينئذٍ أول من آخر بل أول فقط، والأول محل النهي والبطلان فلا تصح صلاة النساء جماعة أصلاً» اهـ كلامه.