الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

شر صفوف النساء أولها

صفحة 335 - الجزء 1

  أقول: تشبه عبارته هذه فلسفة ابن عربي المشهور بالزندقة والتشكيك في الكتاب والسنة.

  وإذا أمعنت النظر فيما رقمه أخيراً وجدت أنه يحكم على النبي ÷ بأن أقرّ نساءً كنَّ يصلينَ وصلاتهن باطلة؛ إذ حكم بحكم لا يتأتى تنفيذه، وهذا حكم جائر منه على رسول الله ÷ ومنشأه سوء فهم الشوكاني لكلام النبي ÷؛ إذ حمل قوله ÷: «شر صفوف النساء أولها» على البطلان، وهو غرض لم يقصده النبي ÷، وحين ساء فهمه ساء انتقاده، هب أن الشوكاني كان مبتلى وبحاجة إلى أن يفرغ ما في قلبه من الحقد ولو على سنة رسول الله، ونقول: أمره إلى الله، فكيف بالذين صححوه وقدموه للطباعة وأشرفوا عليه؟! وكيف بمن يُملونه على طلبتهم وفيه هذه الضلالات؟! ما حكمهم وهم مشاركون في التحامل على رسول الله ÷ وداعون إليه كشيء ثابت وحق راسخ؟! وقد توصل إلى أن صلاة النساء لا تصح جماعة أصلاً، سواءً كان التفضيل⁣(⁣١) على بابه أو على غير بابه، {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّاب}⁣[آل عمران: ٨].

  ثم قال: «وأما تخصيصه - يعني تخصيص الأمير الحسين - بصلاة الرجل بنساء لا رجل معهن فليس في هذا الحديث ولا في غيره ما يدل على ذلك، فلم يبق إلا أن معنى الحديث: (أن صلاة النساء تصح صفوفاً سواءً كان الإمام رجلاً أو امرأة ... !» اهـ كلامه.

  أقول: نعم قَصْدُ الأمير الحسين | أن صلاة النساء مع رجل يؤمّهن [وليس بجانبه رجل] غير صحيحة، فلا تصح إلا إذا كان عن يمينه رجل، والنساء خلفهما ولو واحدة؛ لما ثبت في السنة المطهرة التي جهلها الشوكاني.

  وقول الشوكاني: «إن صلاة النساء تصح سواءً كان الإمام رجلاً أو امرأة» اهـ. خلاف السنة؛ لأنَّ السنة ألا يصلي رجل أجنبي بنساء إلا وبجانبه رجل، أما أن يتقدمهن ويصففن خلفه فلا، وإليك من حديث رسول الله ÷ وأقوال العلماء ما يلي:

  ففي «بداية المجتهد ونهاية المقتصد» ج ١، ص ١٥١ ما لفظه:


(١) في شر وخير. تمت شيخنا.