(الأفعال الكثيرة تبطل الصلاة)
  ما تناوله الخاص، فالتخصيص قصر للحكم على بعض مدلوله، فقوله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} مخصَّص بقوله تعالى في أهل الكتاب: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ}، وقوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} مخصَّص بقوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}، فالعموم في المشركين خص بأهل الكتاب، والعموم في المشركات خصّ أيضاً بالمحصنات من أهل الكتاب، فالعموم في المشركين والمشركات، وقد خصا بما ترى، لا في {وَقَاتِلُوهُمْ} و {وَلَا تَنْكِحُوا} لأن العموم - كما أسلفت - من عوارض الأسماء وخواصها.
  ولما كان العموم والخصوص من عوارض الأسماء كما تقرر لغة وأصولاً وَجَبَ في السنة المطهرة إعمال ما قرره أهل الأصول: إما نسخ الأول، أو بناء العام على الخاص عند التعارض، أو اطراحها والرجوع إلى البراءة الأصلية، إذا تبين لك فاعلم أنه لا تعارض بين فعلين؛ لأن الفعل لا عموم له ولا خصوص، ولا بين قول وفعل؛ لأنه إن تقدّم القول مثلاً كقوله عليه وآله الصلاة والسلام: «لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا ببول» ثم تعقبه الفعل كحديث عبد الله بن عمر: (أنه رأى رسول الله ÷ مستقبلاً بيت المقدس)، فالفعل ناسخ للنهي السابق، وهذا معنى قولهم: (وفعله لما نهى عنه يقتضي الإباحة).
  وإن تقدم الفعل كحركاتهم في الصلاة، وتأخّر النهي كقوله ÷: «مالي أراكم رافعي أيديكم اسكنوا في الصلاة» فالنهي قاض على جواز الحركات، موجب السكون، لا يحتمل مع الفعل القول، والفعل لا يحتمله مع القول.
  وقد جئت بهذه النبذة الأصولية المتفق عليها ليستبين لك جهل الشوكاني الذي يريد أن يخصص بين فعل وقول، وليس للفعل عموم ولا خصوص فهو بهذا قد تبين سقطه، واتضح شططه، وتحامل على من هو أدرى وأعلم منه كما هي عادته!، فمناقشته غثاء، وتعليله جفاء.